يعيش دوار كريزيم التابع لجماعة أربعاء الساحل على وقع كارثة بيئية صادمة، بعدما تحولت قنوات التطهير السائل إلى مصدر اختناق على الطريق ومعاناة يومية للسكان. فالمياه العادمة تُصرّف بشكل مباشر ومكشوف في الهواء الطلق، لتنتشر الروائح الكريهة في كل مكان، في وقت يُفترض أن المشروع جاء لحماية البيئة وتحسين شروط العيش.
المفارقة الصادمة في الأمر أن المنطقة نفسها مُطلة على البحر، ما يجعل هذا التلوث خطراً مضاعفاً يهدد المجال البحري والساحلي على حد سواء. إطلاق خدمة التطهير السائل قبل انتهاء المصفاة الخاصة بالمياه المستعملة يُعتبر خطوة غير مسؤولة، حولت المشروع من وسيلة للحد من التلوث إلى عامل أساسي في تفاقمه.
ومن جانب ربط المسؤولية بالمحاسبة، السكان يُحمّلون جزءاً كبيراً من المسؤولية لحامل المشروع، باعتباره الجهة المقدمة للمشروع والمروجة له. هذا الأخير اكتفى بحملات توعية شكلية في الشق النظري، دون ضمان إنجاز المصفاة قبل اطلاق خدمة الواد الحار أو مراقبة جدية لمدى جاهزية المشروع قبل إطلاقه. وهنا يبرز السؤال المشروع: ألم يكن من الأجدر التريث بدل التسرع ؟
من جهة أخرى، تتواصل عمليات التنظيف السطحي للمجال دون مواجهة الخطر الحقيقي المتمثل في تصريف المياه العادمة بشكل عشوائي. التنظيف لا يمكن أن يكون بديلاً عن مواجهة جوهر المشكلة، بل يتحول إلى مجرد تلميع للواجهة في حين أن الكارثة مستمرة.
اليوم، أمام هذه الوضعية الخطيرة وغير المقبولة، يتعين على جميع الأطراف، من سلطات محلية ومجتمع مدني ومؤسسات منتخبة، التدخل الفوري والعاجل لإيجاد حل جذري يوقف نزيف التلوث الذي يهدد صحة السكان ويفسد المجال البيئي والساحلي للمنطقة.
دوار مطل على البحر بإمكانيات طبيعية وبشرية مهمة لا يحتاج خطابات جوفاء ولا مبادرات شكلية، بل ينتظر إجراءات عملية وحاسمة: إنهاء المصفاة في أسرع وقت، وقف تصريف المياه العادمة في الهواء الطلق، ومحاسبة الجهات التي ساهمت في اطلاق خدمة الواد الحار قبل وقتها. فالمسؤولية اليوم ليست مجرد شعارات، بل واجب أخلاقي وبيئي لإنقاذ منطقة بأكملها من كارثة تتسع رقعتها كل يوم.
