في إطار مواصلة استراتيجية التحديث المؤسساتي التي تنتهجها المديرية العامة للأمن الوطني، أعطى عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني، موافقته على سلسلة من التعيينات الجديدة التي شملت 24 إطارًا أمنيًا بمناصب قيادية على الصعيدين الجهوي والمركزي، وذلك يومه الأربعاء 6 غشت 2025.
وتأتي هذه الحركية في سياق رؤية استراتيجية دقيقة، تروم تقوية البنيات التحتية البشرية للأمن الوطني، وتوزيع المسؤوليات على أطر مشهود لها بالكفاءة والانضباط، وتملك أدوات التدبير العصري لمجالات اشتغالها.
وقد تضمنت هذه التعيينات ترقية عبد الهادي الدكالي إلى منصب نائب والي أمن جهة بني ملال–خنيفرة، بعد أن شغل مهام المدير الإقليمي للأمن الوطني بخريبكة، حيث راكم تجربة ميدانية نوعية، جعلت من مدينة خريبكة واحدة من النماذج الناجحة في محاربة الجريمة وتفكيك شبكات الاتجار بالمخدرات، بفضل تدخلات استباقية قوية وسلسلة من الحملات التمشيطية التي أعادت الثقة إلى المواطن ورفعت من مؤشرات الشعور بالأمن.
وفي السياق نفسه، تم تكليف العميد خالد السهيلي بتولي مسؤولية رئاسة المنطقة الأمنية بخريبكة بالنيابة، وهو اختيار يعكس حرص المديرية العامة على مبدأ الاستمرارية في الأداء، وفتح المجال لأطر شابة ومتمرسة لتحمل مسؤولية التدبير الميداني في مرحلة جديدة تتطلب مزيدًا من الفعالية والانفتاح على محيطها السوسيو-أمني.
ولم تكن هذه التعيينات مجرد إعادة توزيع إداري للمناصب، بل تندرج ضمن فلسفة جديدة تتبناها المؤسسة الأمنية، تقوم على التداول المؤسساتي للمسؤوليات، وتمنح الأولوية للكفاءات القادرة على تنزيل التوجيهات العامة للأمن الوطني، عبر مقاربة حديثة تدمج بين الحضور الميداني، والنجاعة التقنية، والتمكن من آليات التنسيق المحلي والجهوي.
كما أن هذه الحركية تعكس وعيًا مؤسساتيًا بضرورة ملاءمة البنية الأمنية مع التحولات الاجتماعية والتحديات المستجدة، من الجريمة السيبرانية، إلى شبكات التهريب، إلى انتشار المخدرات، ما يفرض إسناد المهام لقيادات قادرة على استباق التهديدات، وتحويل التحديات إلى فرص لتعزيز الثقة في جهاز الأمن، ومواكبة انتظارات المواطن المغربي.
بهذه القرارات الجديدة، تؤكد المديرية العامة للأمن الوطني من جديد أن بناء أمن مستقر لا يتم فقط عبر الإمكانيات اللوجستيكية، بل أساسًا عبر العنصر البشري المؤهل، القادر على صناعة الفارق ميدانيًا، بحزمٍ وفعاليةٍ، وبتواصل مؤسساتي مسؤول يضع المواطن في قلب المعادلة الأمنية.