محمد علام / تازة
عرفت مدينة تازة، مساء الخميس، افتتاح الدورة العاشرة ـ المصنَّفة دورة ذهبية ـ من المهرجان الدولي لسينما المقهى، الذي تنظمه جمعية المهرجان إلى غاية السبت المقبل. وقد اختارت الجهة المنظمة أن تحمل هذه النسخة اسم المخرج الراحل محمد الركاب، احتفاءً بمساره الفني والإعلامي وإسهاماته المميزة في التكوين السينمائي والإذاعي، واعترافاً بدوره البارز في تأطير أجيال من الصحافيين بالمعهد العالي للصحافة بالرباط.
وجاء حفل الافتتاح محمّلاً بلحظات فنية ووجدانية، استهله رئيس الجمعية المنظمة، عزيز زروقي، بكلمة أكد فيها أن بلوغ المهرجان عقده الأول يشكل محطة نوعية في مسار المبادرة الثقافية التي راهنت منذ انطلاقتها على تقريب السينما من الجمهور عبر فضاءات المقاهي، باعتبارها فضاءات للنقاش وتقاسم الأفكار. أما نائب رئيس مجلس جماعة تازة، خالد الصنهاجي، فعبّر عن اعتزاز الجماعة بدعم هذا الموعد السينمائي الذي أصبح تقليداً ثقافياً راسخاً وواجهة إشعاع لصورة المدينة.
وتخلل الحفل وصلات موسيقية وعرض فيلم توثيقي يستعرض أبرز محطات المهرجان خلال دوراته السابقة، إضافة إلى تقديم أعضاء لجنتي تحكيم مسابقتي الفيلم الروائي والوثائقي. كما تنظم بالتوازي ندوة فكرية حول موضوع: “السينما والصناعات الثقافية”، بمشاركة أساتذة وباحثين، بهدف تعميق النقاش حول موقع السينما في منظومة الإبداع والصناعة الثقافية.
وشهدت الأمسية عرض فيلم الافتتاح “مرشحون للانتحار” للمخرج حمزة عاطغي، في حين تقترح البرمجة العامة للدورة ورشات تكوينية في مجالات المونتاج والتصوير والصوت، إضافة إلى ماستر كلاس حول “إستتيقا الإخراج السينمائي” من تأطير الناقد حمادي كيروم وتسيير الأكاديمي مصطفى اللويزي. وتتخلل البرنامج أيضاً معارض فنية وتوقيع إصدارات تُعنى بتاريخ السينما المغربية وتطورها.
وتلقت إدارة المهرجان هذه السنة ما يفوق 250 فيلماً قصيراً في فئتي الروائي والوثائقي، اختير منها 20 عملاً للمشاركة في المسابقة الرسمية، من بينها: “الحنطة”، “عبق التاريخ… رحلة عبر نافذة التراث”، “خلف”، “كان كيس أسود”، “راقودة”، “سينما الدنيا”، “فوتوغراف”، وغيرها من الأعمال المغربية والدولية.
ولا تقتصر العروض على المقاهي المشاركة، بل تمتد إلى مؤسسات اجتماعية وتعليمية وإصلاحية ضمن قافلة سينمائية زارت خمسة مرافق، من بينها السجن المحلي، الذي احتضن ورشة في “ماكياج الهالوين والخدع السينمائية”، إضافة إلى زيارات لدار المسنين ودار الطالبة وبرامج موجهة للأطفال.
كما خصصت الدورة فقرات موجهة للأطفال في وضعية إعاقة، مع الإعلان عن مفاجآت خاصة بالطفل التازي، في دورة تحتضن أفلاماً من تونس وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والعراق ومصر وسوريا، بما يعكس الطابع الدولي للحدث وانفتاحه على تجارب سينمائية متنوعة.
ويؤكد المنظمون أن هذه النسخة الذهبية تأتي لتعزيز مكانة المهرجان كملتقى ثقافي يجمع بين الإبداع السينمائي والتكوين الأكاديمي والتأمل النقدي، وتتيح للجمهور التازي فرصة متابعة أحدث الإنتاجات القصيرة والتفاعل المباشر مع مبدعيها. وبهذا يواصل مهرجان سينما المقهى ترسيخ حضوره ضمن الخريطة السينمائية الوطنية، محافظاً على رسالته في جعل السينما جسراً للحوار والتنوير داخل فضاءات المدينة ومحيطها اليومي.
