الثلاثاء 2 سبتمبر 2025 02:57

تحقيق صحفي “سوس بارك”… من مشروع الأحلام إلى قنبلة موقوتة تهدد أطفال أكادير

في قلب مدينة أكادير، حيث كانت الأسر تنتظر فضاءً ترفيهيًا يعيد البهجة لأطفالها ويمنحهم متنفسًا بعيدًا عن صخب المدينة، يقبع اليوم مشروع “سوس بارك” كرمز لفشل إداري وقانوني، بعدما تحول من حلم واعد إلى تهديد صريح لحياة الزوار، خاصة الأطفال.

“سوس بارك”، المشروع الترفيهي الذي انطلق على يد الراحل أحمد العسكي، الوزير السابق المقرب من الملك الراحل الحسن الثاني، بات اليوم خارج القانون، يشتغل بدون ترخيص، بلا تأمين، ووسط غياب تام لأبسط شروط السلامة.

منذ انطلاقته، ارتبط المشروع بشركة Park Event، التي يوجد مقرها بالدار البيضاء، بموجب عقد استغلال لمدة عشر سنوات مع المندوبية السامية للمياه والغابات، انتهى سنة 2011. ومنذ وفاة صاحب المشروع كريم العسكي، نجل الوزير السابق، توقف كل شيء تقريبًا: مكتب الدراسات لم يَعُد يزور المكان، ولم تُجدد العقود أو تراخيص الاستغلال، لتبقى حظوظ المشروع بين أيدي بعض العمال الذين استمروا في تشغيل الفضاء من أجل “الاسترزاق”، خارج أي غطاء قانوني.

مصادر مطلعة تؤكد أن المشروع لم يحصل أصلًا على التراخيص الكاملة منذ البداية، واليوم، يفتح أبوابه يوميًا دون حماية قانونية للعاملين أو الزوار.

ما تزال الذاكرة الجماعية لسكان أكادير تحتفظ بمأساة فقدان طفل لحياته داخل إحدى الفضاءات الترفيهية غير المرخصة. السيناريو ذاته يتكرر اليوم مع “سوس بارك”، حيث الألعاب متهالكة، المعدات لم تُستبدل منذ سنوات، ولا أثر لأي مراقبة تقنية أو تدخل من الجهات المختصة.

الخبير الدولي المكلف بالسلامة لم يقم بأي زيارة للمكان منذ وفاة المالك. وفي غياب أي متابعة، بدأ الفضاء يشهد ظواهر خطيرة، منها سقوط أشجار داخل محيط الألعاب، وظهور الثعابين، ما يمثل خطرًا مضاعفًا على الأطفال الذين يزورونه يوميًا بأعداد قد تفوق الألف.

أحد الآباء صرح للجريدة:
“نعيش في خوف دائم… أطفالنا يلهون وسط معدات بالية دون أي مراقبة، وكأننا ننتظر وقوع فاجعة جديدة. من يتحمل المسؤولية؟”

يعيش عمال “سوس بارك” وضعًا إنسانيًا مأساويًا. فهم من جهة محرومون من أجورهم لأشهر طويلة، ومن جهة أخرى مجبرون على تشغيل المرافق رغم علمهم بخطورتها، فقط لضمان لقمة العيش.
اعترافات بعضهم تعكس حالة من اليأس واللا خيار: “نعلم أن المكان لم يعد آمنًا، لكن لا بديل لنا.”

القانون المغربي واضح: لا يُسمح لأي فضاء ترفيهي بالاشتغال دون رخصة استغلال وتأمين يغطي المخاطر المحتملة. ومع ذلك، فإن “سوس بارك” لا يخضع لأي من هذه الضوابط.

وهو ما يدفع الشارع الأكاديري للتساؤل:

  • كيف يُسمح لمثل هذا الفضاء أن يشتغل خارج القانون لسنوات؟

  • أين هي مراقبة الجماعة والسلطات الولائية؟

  • ولماذا لا تُتخذ إجراءات إلا بعد الكوارث؟

  • لم يعد “سوس بارك” مجرد مشروع ترفيهي متعثر، بل أصبح قنبلة موقوتة تهدد أرواح الأطفال وتكشف ثغرات خطيرة في منظومة المراقبة والمسؤولية.
    الكرة اليوم في ملعب السلطات المحلية بأكادير:
    إما التدخل الفوري لإغلاق الفضاء مؤقتًا وتسوية وضعيته القانونية،
    أو تحمّل مسؤولية مأساة محتملة قد تُدخل المدينة مجددًا في حداد جماعي.

    فهل ننتظر الكارثة… أم نتداركها قبل فوات الأوان؟

تحرير: سعيد الكرور

قسم النشر بجريدة نشرة الالكترونية بمدينة أكادير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

النشرة الإخبارية

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدتنا، لتصلك آخر الأخبار يوميا

حمل تطبيق نشرة

من نحن؟

جريدة رقمية مستقلة، تهدف إلى تقديم محتوى خبري وتحليلي موثوق، يعكس الواقع بموضوعية ويواكب تطورات المجتمع. نلتزم بالشفافية والمهنية في نقل الأحداث، ونسعى لأن نكون منصة إعلامية قريبة من القارئ، تعبّر عن صوته وتلبي اهتماماته.