الإثنين 28 يوليو 2025 00:59

ثانوية ابن عبدون تحتفي بصناع الأثر في زمن الوفاء

عزيز أخواض

احتضنت الخزانة الوسائطية التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط بمدينة خريبكة، مساء الخميس 10 يوليوز 2025، حفلاً تكريمياً مفعماً بالوفاء والامتنان، نظمته ثانوية ابن عبدون التأهيلية بتنسيق مع جمعية آباء وأولياء أمور التلاميذ، وجمعية العلوم الإنسانية، وبمشاركة من جمعية الربيع، في لحظة استثنائية استحضرت خلالها الأسرة التعليمية مسارات مشرفة لأطر تربوية وإدارية أحيلت على التقاعد.

الحفل، الذي انطلق في حدود الساعة الرابعة والنصف، عرف حضوراً مميزاً لأطر التعليم والإدارة التربوية، وآباء وأمهات التلاميذ، وعدد من الفاعلين الجمعويين، حيث خُصّ بالتكريم اثنا عشر أستاذاً وإدارياً تركوا بصمات مضيئة في فضاء المؤسسة، وهم: أحمد الطنجاوي، اليزيد أمغار، صابر بوشعيب، حسن بطاش، بوشنة هراب، أحمد اسعيد، عبد الحق جابر، سعيد قربي، عبد اللطيف ركاني، عبد الرحيم العسري، فاطمة أحميميش، إضافة إلى المدير المتميز الأستاذ الصديق عربان، الذي يعتبر أحد رموز العمل التربوي الجاد في المدينة.

.

وقد تميز الحفل بفقرات موسيقية راقية قدمتها فرقة GHost’s Tucada، أضفت على الأجواء نكهة احتفالية بلمسة فنية أصيلة، إلى جانب فقرات تنشيطية متنوعة رسمت الفرحة على وجوه الحضور.

وفي كلمة وداعية مؤثرة، ألقى المدير السابق للمؤسسة، الأستاذ الصديق عربان، مداخلة لامست القلوب، جاء فيها:

“شكراً لكل من سيتذكرنا بعد الغياب. شكراً لجمعية الآباء وجمعية العلوم الإنسانية وجمعية الربيع على هذه المبادرة النبيلة. لقد كان العمل في ثانوية ابن عبدون تجربة إنسانية وتربوية غنية، وفخور أنني كنت جزءاً من فريق استثنائي تفانى في أداء رسالته التعليمية بكل وعي ومسؤولية.

اخترتم مهنة المتاعب والصعاب، مهنة لا يقبلها إلا الكبار: نشر العلم وتهذيب الأخلاق. وإذا غادرت اليوم هذا الركح التربوي، فإني ألتمس العذر ممن بدر مني في حقه ما لم يكن في الحسبان، كما أسامح الجميع بمحبة خالصة.

إن ما يعزينا اليوم هو هذا التكريم النبيل، وأننا أدينا واجبنا كما ينبغي. لا أنسى وصية والدي رحمه الله حين قال لي يوم التحقت بالوظيفة سنة 1988: كن في مستوى عملك، تفان في خدمته، يخلف الله لك في عملك ووطنك خيراً.

لم أتأخر يوماً، لم أتخاذل لحظة. لقد أحببت عملي وزملائي وتلامذتي، وها أنا أغادر اليوم بشرف ورضى، تاركاً الأثر لا الخبر، والبصمة لا مجرد الاسم.

وفي هذا المقام، أجدد، بصدق الانتماء ونُبل الوفاء، بيعتي وولائي لسيدي صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، راعي مسيرة الإصلاح والتحديث، وسبيل العدل والتقدم. حفظه الله بما حفظ به الذكر الحكيم، وأقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وشدّ أزره بصنوه الرشيد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة.

حفظ الله هذا الوطن العزيز، وصان وحدته واستقراره، وبارك في نسائه ورجاله، المخلصين في مواقعهم، الصادقين في عطائهم.”

كلمة الأستاذ عربان، بما حملته من تواضع وصدق واعتراف بالجميل، كانت عنواناً لقيمة إنسانية رفيعة تجسّد روح المهنة وقدسية الرسالة التربوية، كما أنها عكست عمق الولاء للمؤسسة والوطن والعرش المجيد.

كما عبّر باقي المحتفى بهم، في كلمات موجزة، عن امتنانهم لهذا التكريم، مؤكدين أن هذه المبادرة تُعد تتويجاً لمسار طويل من العمل والتضحية، وتعكس وفاء المؤسسة وأطرها لقيم العرفان والاعتراف.

في المقابل، توصلت الجريدة بكلمة خاصة من الأستاذ عبد الواحد عاويل، مدير سابق وفاعل تربوي معروف، تعذر عليه الحضور لأسباب شخصية، حيث قال عن الأستاذ عربان:

“عرفت فيه رجلاً نبيلاً، متواضعاً، شامخاً كجبل الأطلس، يؤدي رسالته في صمت ورفعة نفس. كان أخاً لم تلده لي أمي، وصديقاً نادراً. إن من مثل الصديق عربان لا يغيب أثره، بل يظل بصمة مضيئة في كل من عمل معه أو تعلم على يديه.”
وختم كلمته ببيت المتنبي:
“على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم.”

من جهتهم، أكد ممثلو الجمعيات المنظمة أن هذا التكريم ليس نهاية العلاقة مع الأساتذة المتقاعدين، بل بداية مرحلة جديدة لتثمين تجاربهم، والاستفادة من خبراتهم في التوجيه والتأطير ضمن رؤية تشاركية متجددة.

وقد اختتم الحفل بتوزيع شهادات تقديرية وهدايا رمزية، وسط تصفيقات حارة ولقطات مؤثرة، جسّدت لحظة وفاء قلّ نظيرها في زمن المتغيرات، وخلّدت في الذاكرة التربوية لثانوية ابن عبدون يوماً استثنائياً سيظل محفوراً بحبر الامتنان.

تحرير: عزيز أخواض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

النشرة الإخبارية

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدتنا، لتصلك آخر الأخبار يوميا

حمل تطبيق نشرة

من نحن؟

جريدة رقمية مستقلة، تهدف إلى تقديم محتوى خبري وتحليلي موثوق، يعكس الواقع بموضوعية ويواكب تطورات المجتمع. نلتزم بالشفافية والمهنية في نقل الأحداث، ونسعى لأن نكون منصة إعلامية قريبة من القارئ، تعبّر عن صوته وتلبي اهتماماته.

error: المحتوى محمي !!