الإثنين 13 أكتوبر 2025 23:06

حين يهزم الفيسبوك الصندوق: من يجرؤ على إنكار قوة الشعب الرقمي؟

بقلم: سمية مسرور

كم من مرة قيل باستخفاف إن “شعب الفيسبوك لا يؤثر”، وكأن ملايين الأصوات التي تكتب وتتفاعل يومياً ليست سوى صدى عابر يذوب في الفضاء الرقمي. لكن الوقائع تكذّب هذا الزعم. فمنصات التواصل اليوم ليست ديكوراً افتراضياً، بل ساحة صاخبة تصنع المزاج العام، وتوجّه النقاشات، وتُربك الحسابات السياسية.

الفيسبوك… سلطة موازية

في هذا الفضاء الافتراضي يتجمّع الناس كما لو كانوا في ساحة مركزية لا تعرف قيود الزمان والمكان. هناك تُصنع القضايا، وهناك تتحرك الجموع الرقمية لتفرض نفسها على الإعلام والسياسة. إن القول إن هذا الشعب “لا يؤثر” يشبه القول إن العاصفة لا تقتلع، أو أن النار لا تحرق. التفاعل الهائل مع المواقف والأفكار ليس “زينة إلكترونية”، بل قوة ضاغطة أجبرت مؤسسات وسياسيين غير مرة على مراجعة قراراتهم.

الشرعية الجديدة

السياسي قد يفوز بمقعد في الصندوق، لكنه قد يخسر شرعيته في الفيسبوك، وهذا أخطر من الهزيمة الانتخابية نفسها. لأن الشرعية الرقمية لا تُمنح بالأرقام، بل بالقبول والثقة والقدرة على تمثيل وجدان الناس. ومن يفقد هذه الشرعية يصبح مجرد رقم في البرلمان، بلا تأثير حقيقي في المجتمع.

الامتحان اليومي

الفيسبوك ليس صندوقاً يُفتح كل خمس سنوات، بل هو امتحان يومي، يوزّع فيه الناس درجات القبول والرفض بلا مجاملة. والفاعل السياسي الذي يستخف بهذا الامتحان يعيش في زمن آخر، لأن المزاج الشعبي لم يعد يُقاس بخطب منمّقة أو تقارير رسمية، بل بعدد القلوب والعقول التي تتجاوب مع خطابك، وتدافع عنه، وتنشره كأنه صوتها الخاص.

ختاما من يردّد أن “شعب الفيسبوك لا يؤثر” يغمض عينيه عن حقيقة بديهية: هذا الشعب قد لا يملك أوراق اقتراع في يده، لكنه يملك سلطة الرأي، وسلطة الفضح، وسلطة إسقاط الشرعيات الرمزية. والفعل السياسي في زمننا هذا لا يستقيم إلا بالنجاح في امتحان مزدوج: الصندوق الواقعي، والصندوق الرقمي. ومن يتجاهل أحدهما، فقد اختار طريق
السقوط.

تحرير: مكتب أكادير

قسم النشر بجريدة نشرة الالكترونية بمدينة أكادير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

النشرة الإخبارية

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدتنا، لتصلك آخر الأخبار يوميا

حمل تطبيق نشرة

من نحن؟

جريدة رقمية مستقلة، تهدف إلى تقديم محتوى خبري وتحليلي موثوق، يعكس الواقع بموضوعية ويواكب تطورات المجتمع. نلتزم بالشفافية والمهنية في نقل الأحداث، ونسعى لأن نكون منصة إعلامية قريبة من القارئ، تعبّر عن صوته وتلبي اهتماماته.