إنهاء الحرب في أوكرانيا وغزة يتصدر أجندة السياسة الخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي قد يواجه صعوبات في تغيير النهج الأميركي دون تعاون فلاديمير بوتين وبنيامين نتنياهو. مع مرور الوقت، أصبحت الأطراف المتحاربة أكثر وعياً بحدود قوتها وإمكاناتها، مما يفتح المجال أمام تسويات واقعية، رغم أن استدامة هذه التسويات تظل موضع تساؤل.
غالباً ما تُناقش الحروب من منظور الأخلاق أو القانون أو العدالة، إلا أن المصالح والقوة هما المحركان الأساسيان خلفها. فكل حرب تبدأ بتباين في وجهات النظر بشأن القوة النسبية للأطراف المتحاربة، إذ يعتقد كل طرف أنه قوي بما يكفي لتحقيق أهدافه المهمة من خلال القتال. ومع اختبار القوة النسبية في ساحة المعركة، تتضح الصورة أكثر وتبدأ الرؤى بالتقارب. عندما يدرك الطرفان حقيقة قوتهما النسبية ويعيدان صياغة طموحاتهما وفقاً للواقع، تدخل الحرب مرحلتها النهائية.
في كل من أوكرانيا وغزة، توضحت أمور كثيرة مع مرور الوقت، بما في ذلك حجم الإمكانات العسكرية والاقتصادية التي تمتلكها التحالفات المتحاربة، ومدى سهولة تحويل هذه الإمكانات إلى قوة فعلية قابلة للاستخدام، واحتمالية استعمال هذه القوة في الميدان، وما يمكنها تحقيقه أو ما تعجز عنه هناك. قد يسهم هذا الوضوح الجديد في التوصل إلى تسويات للحربين في العام الحالي، بناءً على تقييمات واقعية للأهداف التي يعدها كل طرف أهم ويمكنه تحمل كلف تحقيقها. ولكن ما إذا كانت هذه التسويات ستدوم، وهل ستؤدي إلى سلام دائم بدلاً من مجرد هدنة موقتة، أمر يعتمد على التفاصيل.
في الواقع، تمتلك الولايات المتحدة ثلاثة مصالح رئيسة في الصراع الأوروبي تتمثل في إنقاذ أوكرانيا، وحماية أوروبا، وكبح جماح روسيا. قد يكون من الممكن الآن التوصل إلى تسوية تحقق نتائج ملموسة، وإن كانت محدودة، في المجالات الثلاثة، بشرط أن تحصل أوكرانيا بعد الحرب على ضمانات أمنية كافية ودعم مالي.
وبطريقة موازية، لدى الولايات المتحدة ثلاث مصالح أساسية في الصراع في الشرق الأوسط، وهي حماية إسرائيل، وكبح جماح إيران، وإنقاذ إمكانية قيام دولة فلسطينية. قد يكون من الممكن التوصل إلى تسوية تحقق نتائج ملموسة، وإن كانت محدودة، في هذه المجالات أيضاً، بشرط أن تحصل إسرائيل على ضمانات أمنية كافية، وأن يتم كبح جماح إيران، وأن تُحفظ إمكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل.
مع ذلك، فإن تحقيق هذه التسويات يتطلب تعاوناً من الأطراف المعنية، بما في ذلك روسيا وإسرائيل، وهو ما قد يكون صعباً في ظل الظروف الحالية. إذا لم يتم تحقيق هذا التعاون، فقد تجد إدارة ترمب نفسها مضطرة للعودة إلى نهج إدارة بايدن في التعامل مع هذه الصراعات، نظراً لأن المصالح الأميركية والوقائع الجيوسياسية لا تتبدل مع نتائج الانتخابات.
في النهاية، قد يكون من الممكن التوصل إلى تسويات في أوكرانيا وغزة، ولكن استدامة هذه التسويات تعتمد على التفاصيل وعلى تعاون الأطراف المعنية. بدون هذا التعاون، قد تكون هذه التسويات مجرد هدنات مؤقتة بدلاً من حلول دائمة.
تعليقات الزوار ( 0 )