كشفت أرقام المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2023 عن واقع اقتصادي يثير الكثير من التساؤلات بجهة سوس ماسة. فرغم مكانتها كأحد الأقطاب الاقتصادية المهمة في المغرب، لم يتجاوز معدل نموها 1,8%، أي أقل بكثير من المعدل الوطني المحدد في 3,7%.
هذا الأداء يضع الجهة في موقع متوسط بين الجهات التي سجلت نسب نمو مرتفعة، مثل الداخلة-وادي الذهب (10,1%) وفاس-مكناس (8,9%)، والجهات التي شهدت انكماشاً واضحاً كجهة بني ملال-خنيفرة (-1,3%) والجهة الشرقية (-1%). بمعنى آخر، سوس ماسة لا تنهار، لكنها أيضاً لا تقلع.
القطاعات الاقتصادية التي يفترض أن تكون محركاً للنمو لم تفِ بالوعود. الفلاحة، النشاط الأول بالجهة، تضررت بشكل واضح من الجفاف وتراجع الموارد المائية، بينما لم تتمكن السياحة في أكادير من مواكبة انتعاش وجهات كبرى مثل مراكش. كما ظل النسيج الصناعي محدوداً مقارنة بأقطاب كبرى كالدار البيضاء وطنجة.
المفارقة أن سوس ماسة تتوفر على مؤهلات ضخمة: موقع استراتيجي يربط الشمال بالجنوب، واجهة بحرية واسعة وغنية، فلاحة تصديرية معروفة دولياً خاصة في الطماطم والحوامض، إضافة إلى مقومات سياحية شاطئية وثقافية متنوعة. لكن هذه المؤهلات لم تترجم بعد إلى أرقام نمو ملموسة، ما يكشف عن غياب رؤية واضحة وضعف استثمار الإمكانيات المتاحة.
يبقى السؤال المطروح: لماذا تظل سوس ماسة عالقة في خانة “النمو الباهت”؟ هل يكمن المشكل في السياسات العمومية التي لا تعطي للجهة حقها، أم في التدبير المحلي الذي لم يرقَ إلى مستوى التحديات، أم في غياب استراتيجية متكاملة تجعل من سوس ماسة قاطرة حقيقية للتنمية بدل الاكتفاء بدور ثانوي في المشهد الاقتصادي الوطني؟