الجمعة 19 سبتمبر 2025 02:51

شركة التنمية بخريبكة: ليس خيار المجالس المحلية، بل قرار وطني

ورغم تداول بعض المواقع الإعلامية خبر المصادقة على أحداث شركة تنموية بإقليم خريبكة على أنه “قرار محلي” يعود لاختيارات المجالس المنتخبة، إلا أن الحقيقة تشير بوضوح إلى أن هذه الخطوة تأتي تنفيذاً مباشراً لتوجيهات وزارة الداخلية، وامتثالاً لمضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش . ففي 15 غشت 2025، وجّه وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت مذكرة رسمية إلى الولاة والعمال، دعا فيها إلى الشروع في إعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، بالتركيز على أربعة محاور أساسية: دعم التشغيل المحلي، تعزيز الخدمات الاجتماعية الأساسية، التدبير المستدام للموارد المائية، والتأهيل الترابي المندمج، مع التأكيد على المقاربة التشاركية مع جميع الفاعلين لضمان انسجام هذه البرامج مع النموذج التنموي الجديد وأهداف التنمية المستدامة.

 

خطوة KADev وأهدافها

 

شهدت خريبكة بحر هذا  الأسبوع  خطوات هامة في مسار التنمية الترابية، بعد اجتماع المجلس الإقليمي يوم الأربعاء، واجتماع المجلس الجماعي يوم الخميس 18 شتنبر 2025، حيث تمت النصادقة على إحداث شركة “خريبكة للتهيئة والتنمية” (KADev). تهدف الشركة إلى تعزيز المشاريع المهيكلة والتسريع بتنزيل التنمية الشاملة.

ويترأس مجلس إدارة KADev عامل الإقليم، بمشاركة ممثلين عن المجلس الإقليمي والجماعات الترابية والمصالح اللاممركزة للدولة والقطاع الخاص المحلي، في إطار حكامة شفافة وتشاركية، تضمن تنسيق الجهود وتفعيل البرامج التنموية. وتؤكد هذه الخطوة أن تطوير البنية التحتية ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية بخريبكة لا يقتصر على القرارات المحلية، بل هو جزء من خطة وطنية متكاملة للتنمية المستدامة تتماشى مع توجيهات القيادة العليا ومضامين الخطاب الملكي السامي.

 

مجلس خريلكة تحت الرصد العام

تظل خريبكة اليوم في عين الرصد العام، ليس فقط من طرف وزارة الداخلية أو المجلس الأعلى للحسابات، بل أيضاً باعتبارها اختباراً لمدى التزام المسؤولين بتحويل الموارد العمومية إلى مشاريع تخدم الإنسان والمجتمع، وفق الرؤية الملكية التي تراهن على التنمية المتوازنة والعدالة الاجتماعية. فالساكنة، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تراقب كل خطوة، مطالبة بنتائج ملموسة ومستدامة تعكس أثرها الاقتصادي والاجتماعي.

 

التحديات أمام المجلس الجماعي

 

تُعدّ مؤسسة المجلس الجماعي الفضاء الأول الذي يُفترض أن يُجسّد إرادة الساكنة، ويترجم اختياراتها إلى برامج تنموية ملموسة. غير أن سؤال الجدوى يعود بإلحاح كلما تراكمت المشاريع المتعثرة، وغابت الرؤية الواضحة، وتاه الإيقاع التنموي بين الارتجال والتبرير.

 

العبارة التي أطلقها المستشار عمر امرضي في إحدى الدورات الاستثنائية للمجلس يوم الخميس 18 شتنبر 2025 – حين خاطب الرئيس بـ “ضابط الإيقاع” – لم تكن مجرد جملة عابرة، بل مفتاحاً لقراءة واقع التدبير المحلي بخريبكة. فكما أن قائد الأوركسترا مسؤول عن تناغم الأصوات وإنتاج مقطوعة متكاملة، فإن المجلس الجماعي برئاسته ومكوناته مدعو إلى ضبط الإيقاع التنموي للمدينة وتجاوز الفوضى التي أفرزتها سنوات من سوء التسيير والتردد.

 

 

لقد ظهر الرئيس كـ”ضابط إيقاع” فعلاً كما وصفه احد المستشارين،خلال ما سُمّي بـ”الأيام الثقافية” لمدينة خريبكة، حيث كان الإيقاع مضبوطاً مع فرق الموسيقى الشعبية و”الشيخات”، إلا أن ذلك يبرز التباين بين ضبط إيقاع الترفيه وضبط إيقاع التنمية الفعلية، الذي يتطلب اولويات، تحسين البنية التحتية، التعليم، التشغيل، وإدارة الشأن العام بكفاءة.

الانتظارات الشعبية والحاجة إلى الفعل

الواقع الذي تعكسه مداخلات المستشارين وردود الرئيس، إضافة إلى موجة الاستنكار الشعبي، يشير إلى أن المجلس لم ينجح بعد في ضبط الإيقاع التنموي الذي تنتظره الساكنة، فالساكنة تطالب بتحسين جودة العيش، وتأهيل البنية التحتية، وخلق فرص الشغل، وتحويل المدينة إلى فضاء جاذب، بينما يظل الخطاب الرسمي مرتبطاً بتبريرات التعثرات وتحميل المسؤولية لمؤسسات أخرى.

 

كما أن الظهور الإعلامي الأخير للرئيس على منبر مغاربة العالم كان فرصة لتقديم صورة واضحة عن مسار العمل الجماعي، لكن الحصيلة كانت مخيبة للآمال: لم تُقدَّم أجوبة دقيقة، ولا التزام بآجال محددة، بل خطاب يعكس ارتباكاً في مواجهة الرأي العام.

ورغم تحغظنا على بعض النقط ككتاب رأي احتراما لحساسية المرحلة وحفاظاً على الثقة المؤسساتية.

 

السؤال الكبير اليوم يبقى: هل سيتمكن المجلس الجماعي بخريبكة من ضبط إيقاعه التنموي؟ المرحلة الراهنة تتطلب الانتقال من منطق إدارة الأزمة إلى الإبداع في الحلول، ومن تبرير التعثرات إلى صناعة المبادرات، عبر رؤية تنموية واضحة، وتوحيد جهود الفاعلين، واعتماد مؤشرات موضوعية بشفافية.

 

مع اقتراب نهاية الولاية الحالية، بعد مرور أكثر من أربع سنوات، تتزايد التساؤلات حول أسلوب التسيير، فيما الصوت الشعبي يزداد وضوحاً في المطالبة بالتغيير. الأيام المقبلة ستكون حاسمة: إما استثمار ما تبقى من الزمن السياسي لإعادة بناء الثقة عبر إنجازات ملموسة، أو تسجيل هذه التجربة في ذاكرة الساكنة كمرحلة اتسمت بالارتباك والتعثر وإهدار الفرص.

الساكنة تراقب، والخيار بين استمرار الانتظار أو تحقيق تناغم تنموي حقيقي صار أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

تحرير: عزيز أخواض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

النشرة الإخبارية

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدتنا، لتصلك آخر الأخبار يوميا

حمل تطبيق نشرة

من نحن؟

جريدة رقمية مستقلة، تهدف إلى تقديم محتوى خبري وتحليلي موثوق، يعكس الواقع بموضوعية ويواكب تطورات المجتمع. نلتزم بالشفافية والمهنية في نقل الأحداث، ونسعى لأن نكون منصة إعلامية قريبة من القارئ، تعبّر عن صوته وتلبي اهتماماته.