✍🏻الحجوي محمد
في صباح يوم الثلاثاء، التاسع من شتنبر، لم يعد الصبر خياراً بالنسبة لساكنة جماعة الهيادنة. تجمعوا في وقفة احتجاجية صامدة أمام مقر جماعتهم، حاملين معهم ظلام خمسة عشر عاماً من الانتظار والإهمال. لقد قدموا طلب ربط منازلهم بالكهرباء قبل أكثر من عقد ونصف، ليصطدموا بجدار من التماطل والوعود المعسولة التي لم تتحقق أبداً. الشعارات التي رفعوها لم تكن مجرد حبر على ورق، بل كانت صرخة استغاثة تندد بصمت أصبح لا يُطاق.
المعاناة هنا ليست حكراً على ساكنة الهيادنة وحدهم، بل تمتد إلى دواوير مجاورة وحتى إلى بعض سكان مركز جمعة لعرارشة. إنها معاناة مركبة، تتفاقم ليلاً مع غياب الإنارة العمومية، مما يغرق هذه المناطق في عزلة خطيرة تهدد الأمن والصحة. وفي فصول السنة المتعاقبة، تتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق؛ فصيفٌ بدون مبردات أو مراوح، وشتاءٌ بدون وسائل تدفئة أساسية، ودراسة للأطفال تحت ضوء الشموع أو المصابيح البدائية. إنه حرمان من التعليم، من الصحة، من السلامة، ومن كرامة العيش.
وفي مفارقة تزيد الموقف إيلاماً، تؤكد المعلومات أن الجماعة قد برمجت فائضاً في ميزانيتها لسنتي 2023 و2024 خصصته تحديداً لتوسيع شبكة الكهرباء وربط جميع المنازل. هذا الإعلان يطرح أسئلة مصيرية حول أولويات التدبير: إذا كانت الأموال متوفرة والمشروع مدرج في الميزانية، فما هو العائق الحقيقي الذي يحول دون تنفيذه؟ أين تذهب هذه الميزانيات إن لم تصل خدماتها إلى المستحقين؟
السؤال الذي يفرض نفسه الآن وبقوة: هل س تسمع السلطات المعنية نداءات هؤلاء السكان؟ هل ستتحول وعود الميزانيات إلى أعمدة كهرباء ملموسة تنير منازلهم وتُنهي معاناتهم؟ أم أن صبرهم سيواجه بمزيد من الصمت، ليكتبوا فصلاً جديداً من فصول الإهمال؟ عيون ساكنة الهيادنة وقلوبهم معلقة اليوم على تلك الأعمدة التي لم تأتِ بعد، منتظرين بفارغ الصبر أن يروا “نور الحياة” يشرق أخيراً على دواويرهم.