عبد الكريم غيلان: كاتب رأي

شهدت قضية الصحراء المغربية مؤخراً تطوراً ملفتاً مع طرح المبعوث الأممي ، ستيفان دي ميستورا، لمقترح يقضي بتقسيم الصحراء المغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو. هذا المقترح علاوة على كونه ليس جديدا فأنه يفتقر إلى الأسس القانونية والواقعية، ويعكس إما جهلاً بأبعاد القضية أو محاولة لإعادة طرح أفكار قديمة فشلت في الماضي.
يتسم هذا المقترح بعدم الجدية للأسباب التالية :

● في إحاطة لمجلس الأمن خلف الأبواب المغلقة يوم الأربعاء، قال دي ميستورا، إن التقسيم “يمكن أن يسمح بإنشاء دولة مستقلة في الجزء الجنوبي من الإقليم، ومن جهة أخرى دمج بقية الإقليم كجزء من المغرب، مع الاعتراف بسيادته عليه دولياً”. فهذا المقترح ليس بجديد وليس من ابتكار دي ميستورا، وإنما ورد نفس المقترح في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الحالة في الصحراء الصادر بتاريخ 19 فبراير 2002، والذي أفاد بأن الجزائر وجبهة البوليساريو مستعدتان للمناقشة والتفاوض حول تقسيم الإقليم ضمن الخيارات الأربعة كحل سياسي للنزاع على الصحراء، وذلك تبعاً للقاء الذي جمع جيمس بيكر ببوتفليقة خلال زيارة قام بها هذا الأخير لهيوستن بالولايات المتحدة الأمريكية في 2 نوفمبر 2001 حيث تم رفضه بشكل قاطع من طرف المغرب.
● النزاع على الصحراء المغربية ليس مجرد نزاع حدودي بين كيانين لكي يتم تقسيم المنطقة بينهما بل هو نزاع له أبعاد جيوسياسيةحيوية بالنسبة للمغرب و يتعلق الأمر أولا و اخيرا بوحدة أراضيه وسيادته عليها، وهو ما يجعل أي مقترح تقسيمي غير قابل للنقاش أو المفاوضات.
● يحظى المقترح المغربي للحكم الذاتي بدعم واسع من المجتمع الدولي فأزيد من مائة دولة عضو بهيئةالأممالمتحدة، من كافة المناطق، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا عضوان دائمان في مجلس الأمن، و19 دولة من الاتحاد الأوروبي، وكذا منظمات إقليمية، عبرت عن دعمها الثابت للمقترح المغربي باعتباره الأساس الوحيد والأوحد الذي يتسم بالجدية والمصداقية من أجل حل سياسي،مما يضعف من مصداقية أي مقترح بديل.
يثير طرح هذا المقترح وفي هذا الثوقيت بالضبط تساؤلات حول الأهداف التي يسعى إليها دي ميستورا.
و ما غاية و معنى أن أن يكرر نفس المقترح الذي رفضه المغرب في السابق
هل هو محاولة لإحياء مفاوضات متوقفة منذ زمن، أم أنه ببساطة لا يلم بحيثيات القضية؟ بغض النظر عن الدافع، فإن هذا المقترح لا يعدو كونه بالون اختبار لجس النبض لمخطط التقسيم أو محاولة لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
لذى من الضرورة أن تتسلح الدبلوماسية المغربية الرسمية وغير الرسمية في جميع الأحوال بالكثير من اليقظة والحذر عند التعامل أو الحديث أو اللقاءات حول هذا الملف و أن تتعامل مع هذا المقترح بحذر شديد، وأن ترد عليه بشكل قاطع وحازم بالتأكيد على الآتي:
■ الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب الوطني المغربي، وأي مساس بوحدته يعتبر اعتداء على سيادة المغرب.
■ يجب إبراز الدعم الواسع الذي يحظى به المقترح المغربي للحكم الذاتي،الذي
يضمن تدبير الساكنة المحلية لشؤونها، كما أنه يساهم في إعادة إحياء المغرب العربي على أسس المبادئ الكونية لحسن الجوار والتنمية المستدامة والاستقرار الإقليمي مع التأكيد على أن هذا هو الحل الوحيد القابل للتطبيق.
■ يجب التأكيد على أن المغرب يرفض أي حل يمس بوحدة أراضيه، وأن أي محاولة لتقسيم الصحراء المغربية مرفوضة جملة وتفصيلاً.
إن طرح مقترح تقسيم الصحراء المغربية
(إن كان قد طُرح فعلاً من قبل دي ميستورا)، فهو ولد ميتاً. ولا يعدو أن يكون محاولة بائسة لإعادة فتح ملف أُغلق، وهو لن يغير من حقيقة أن الصحراء مغربية وستظل كذلك. يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته وأن يدعم الحل السياسي الوحيد القائم على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.