عبد الكريم غيلان
كاتب رأي

يشهد ميناء سيدي إفني، الشريان الاقتصادي للمدينة، نموًا مطردًا وازدهارًا ملحوظًا. إلا أن هذا الازدهار، الذي ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني، لا يبدو أنه يوازي التحسن في مستوى معيشة ساكنة المدينة. فبينما تسجل مداخيل الميناء أرقامًا قياسية،
ففي الوقت الذي تسجل فيه مداخيل ميناء سيدي إفني أرقاماً قياسية، تثار تساؤلات حول الحصة التي تعود على الجماعة المحلية، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول آليات توزيع الثروة واستفادة السكان المحليين منها.
إن غياب التواصل الرسمي من طرف الجماعة المحلية حول هذه المسألة الحساسة قد ساهم في تغذية الشائعات والأقاويل، مما زاد من حدة التساؤلات والشكوك في نفوس المواطنين. فالسكوت عن الرد على الاستفسارات المطروحة، وتجاهل الاتهامات الموجهة، لا يساهم في بناء الثقة بين الجماعة والجمهور، بل يعزز من الانطباع بوجود خلل ما في عملية توزيع الثروة.
إن التواصل الفعال والشفاف بين الجماعة المحلية والرأي العام ليس ترفاً، بل هو ضرورة ملحة في مثل هذه الحالات. فمن خلال تقديم معلومات دقيقة وواضحة حول آليات توزيع مداخيل الميناء، يمكن للجماعة أن تبين للمواطنين أن الأمور تسير وفق الأطر القانونية والتنظيمية المعمول بها. كما يمكنها أن تستمع إلى انشغالات المواطنين واقتراحاتهم، مما يساهم في تعزيز المشاركة المجتمعية في عملية صنع القرار.
تشير الأرقام الرسمية إلى وجود تفاوت كبير بين مداخيل ميناء سيدي إفني وحصة الجماعة المحلية منه.
تداول بقوة الرأي العام المحلي بسيدي افني، و منتديات التواصل الاجتماعي، في المدة الأخيرة، مجموعة من الأسئلة تتعلق بمداخيل ميناء سيدي افني و حصة الجماعة منها
وهو ما سأحاول توضيحه في بعض السطور، احتراما للرأي المحلي و محاولة الإجابة عن تساؤلات بعض المهتمين و المتابعين دون ادعاء بامتلاك الحقيقة.
تشير أحدث الإحصائيات الصادرة عن المكتب الوطني للصيد البحري إلى أن مداخيل ميناء سيدي إفني من الثروة السمكية قد بلغت
حسب ما أفاد تقرير المكتب الوطني للصيد البحري بأن القيمة السوقية للمنتجات المفرغة بميناء سيدي إفني خلال الفترة بين يناير و متم شتنبر 2023 بلغت :
230638000 مليون درهم
اي ما يفوق 23مليار سنتيم
(المصدر: موقع الغد نيوز 24أكتوبر , 2023)
رقم قياسي يعكس الأهمية الاقتصادية لهذا الميناء.
إلا أن حصة الجماعة المحلية منه تبقى متواضعة، حيث لا تتجاوز 500 مليون سنتيم
حسب الأرقام المصرح بها بميزانية سنة 2024 و المنشورة على الموقع الرسمي للجماعة .
هذا التفاوت يثير العديد من التساؤلات حول كيفية توزيع هذه المداخيل، وهل يتم توجيهها نحو مشاريع تنموية تعود بالنفع على السكان المحليين أم لا.
إن هذا التفاوت يستدعي إجراء تحقيق شفاف وعميق للكشف عن الأسباب الكامنة وراءه، وتحديد المسؤوليات. كما يتطلب الأمر وضع آليات جديدة لضمان توزيع عادل وعقلاني لمداخيل الميناء، بحيث تعود بالنفع على جميع فئات المجتمع المحلي.
إن قضية توزيع مداخيل ميناء سيدي إفني ليست مجرد قضية اقتصادية، بل هي قضية تتعلق بالعدالة الاجتماعية والمساواة. ومن الضروري أن تعمل الجهات المعنية على معالجة هذه القضية بكل جدية وشفافية، حتى يتم استغلال الثروات البحرية لخدمة مصالح المنطقة وسكانها.
تبقى حصة الجماعة المحلية متواضعة بشكل لافت للنظر. هذا التفاوت الكبير يثير تساؤلات جدية حول آليات توزيع هذه الثروة وهل تستفيد منها الجماعة المحلية بشكل عادل أم لا.
غياب الشفافية حول كيفية توزيع هذه المداخيل يزيد من حدة الشكوك لدى المواطنين. فبينما يفتخر المسؤولون بإنشاء موقع إلكتروني للبلدية، إلا أن المعلومات المتوفرة فيه قديمة وغير كافية لتوضيح الصورة. هذا النقص في المعلومات يفتح الباب أمام التكهنات والشائعات، مما يؤثر سلبًا على الثقة بين المواطنين والسلطات المحلية.
إن هذا الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً من الجهات المسؤولة لإجراء تحقيق شفاف يكشف عن أسباب هذا التفاوت ويحدد المسؤوليات. كما يتوجب على الجماعة المحلية تعزيز التواصل مع المواطنين وتقديم معلومات دقيقة حول كيفية صرف هذه المداخيل. فمن حق المواطنين أن يعرفوا كيف يتم استثمار ثروات مدينتهم.
في ظل غياب التواصل
و في ظل هذا الوضع، يتحمل رئيس المجلس الجماعي مسؤولية كبيرة في التواصل مع الساكنة وتوضيح الصورة حول كيفية استثمار مداخيل الميناء. فمن المنتظر أن يقوم رئيس المجلس، في حدود صلاحياته، بتفعيل آليات المشاركة المواطنية وتنظيم لقاءات دورية مع ممثلي مختلف الفئات الاجتماعية لتوضيح الرؤية الاستراتيجية للجماعة وتقديم تقارير دورية حول كيفية صرف الأموال العمومية.
إلا أن غياب التواصل التام مع الساكنة يجعل مواقع التواصل الاجتماعي ملاذًا لنشر المعلومات، أحيانًا غير الدقيقة، مما يؤدي إلى خلق بلبلة وتأجيج الأوضاع. لذلك، يجب على رئيس المجلس أن يولي أهمية قصوى لوسائل التواصل الاجتماعي وأن يعمل على تقديم معلومات موثوقة وشاملة لتصحيح الأخطاء وتبديد الشكوك.
رغم عزيمة الرئيس الحديدية وتطلعه الدؤوب لتحقيق وعوده، فإن جداراً من الصمت يحيط بجهوده. فبينما يبذل قصارى جهده لتنفيذ برنامجه، يظل التواصل مع الجماهير شبه معدوم، وكأن بينهما حجاباً من الزجاج يعكس الصورة دون أن يسمح بمرور الصوت. فكيف للرئيس أن يقود سفينة التنمية في بحر من الصمت؟
يشبه الرئيس القائد الذي يقود سفينة في بحر عاصف،ن يحاول جاهداً الوصول إلى بر الأمان محملاً بالأمال والوعود. لكن الرياح المعاكسة التي تمثلها صعوبة التواصل تعوق تقدمه، وتجعله يضل الطريق أحياناً. فكما أن السفينة تحتاج إلى خريطة دقيقة وبوصلة موثوقة للوصول إلى وجهتها، فإن الرئيس بحاجة إلى تواصل فعال مع الساكنة لمعرفة احتياجاتها وتطلعاتها
نجاحات الرئيس تتلاشى كأثر قدم في الرمال، بسبب ضعف التواصل مع الساكنة. فبينما حقق إنجازات ملموسة في مجال الاقتصاد، كزيادة مداخيل الميناء، إلا أن هذه الإنجازات تبقى حبيسة الأرقام والإحصائيات، بعيدة عن وعي المواطن الذي لا يشعر بتأثيرها المباشر على حياته اليومية. فكيف يمكن الاحتفال بانتصار دون أن يشعر به المنتصر
حسب رأي المتواضع فالرئيس كالفنان المبدع الذي يصور لوحة فنية بديعة، لكنه يعجز عن إيصال جمالها إلى المتلقي بسبب نقص الألوان المناسبة. فبينما يبذل قصارى جهده لتنفيذ برنامجه، فإن ضعف التواصل يجعل هذه اللوحة معلقة في الظلام، بعيدة عن أنظار الجمهور. فكيف للرئيس أن يحصد ثمار جهوده إذا لم يشهدها من هم في أمس الحاجة إليها.
إن تحقيق العدالة في توزيع ثروات المدينة هو مطلب أساسي لضمان التنمية المستدامة والتماسك الاجتماعي. وعليه، فإن على جميع الفاعلين المحليين التعاون من أجل إيجاد حلول ناجعة لهذا الإشكال.
يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن سيدي إفني من استغلال ثرواتها الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين مستوى معيشة ساكنتها؟
الجواب على هذا السؤال يتوقف على مدى التزام المسؤولين المحليين بالشفافية والمساءلة، وعلى مدى مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار.