علي بوراك
انتقدت النائبة البرلمانية نعيمة الفتحاوي مشروع قانون المالية لسنة 2026، معتبرة أنه يعاني من “نقائص بنيوية واضحة” ويكرّس غياب العدالة الاجتماعية والإنصاف الضريبي، ومتهمة الحكومة بـ”العجز عن تلبية انتظارات المواطنين والتراجع عن التزاماتها المعلنة”.
وأوضحت الفتحاوي أن الجزء الأول من المشروع شهد تقديم 350 تعديلاً، لم تقبل الحكومة منها سوى تعديلين فقط، فيما تقدمت أحزاب الأغلبية بـ23 تعديلاً، مقابل أكثر من 325 تعديلاً من المعارضة، أي ما يفوق 90% من مجموع التعديلات، مما يعكس ـ حسب قولها ـ “إنتاجية المعارضة وجرأتها في اقتراح بدائل حقيقية، مقابل انتقائية حكومية صارمة”.
وعلى مستوى توزيع التعديلات، تقدّم الفريق الاشتراكي بـ73 تعديلاً، يليه فريق التقدم والاشتراكية بـ38، ثم الحركة الشعبية بـ46، وتحالف فدرالية اليسار بـ46، بينما تصدّر فريق العدالة والتنمية القائمة بـ122 تعديلاً، وهو أكبر رقم ضمن كل الفرق.
“غياب الحوار ومحاصرة المقترحات”
وترى الفتحاوي أن رفض الحكومة لغالبية التعديلات المعارضة “لا يعكس فقط غياب الحوار المؤسساتي”، بل يؤكد وجود “اختلالات عميقة” في مشروع قانون المالية، معتبرة أن تفاعل الحكومة كان “ضعيفاً وانتقائياً”، رغم أهمية المقترحات المقدمة.
ومن بين التعديلات التي رفضتها الحكومة:
- فرض ضريبة على الثروة لتوسيع موارد الدولة.
- إعفاء الأعلاف والكتاكيت من الرسوم لدعم الفلاحين.
- رفع الرسوم على السلع المضرة بالصحة مثل السجائر الإلكترونية والخمور.
قطاعات متضررة من اختيارات الحكومة
- الفلاحة: رفض إعفاء الأعلاف والكتاكيت سيزيد كلفة الإنتاج ويضر بالفلاحين الصغار.
- الصحة: فرض 17.5% رسوماً على 22 نوعاً من الاختبارات الطبية السريعة، مقابل تجاهل مقترحات لدعم صندوق التماسك الاجتماعي.
- الشباب والطبقات الوسطى: رفض ضريبة الثروة يضعف موارد الدولة ويوسّع الفوارق الاجتماعية.
- العدالة الضريبية: رفع الرسوم الجمركية على الزجاج الأمامي من 2.5% إلى 17.5%، دون المساس بالضرائب على السلع الكمالية أو القطاعات الريعية.
“قانون بلا رؤية مجتمعية”
وتشير الفتحاوي إلى أن مشروع قانون المالية 2026 يقدّم تعديلات “شكلية” ولا يتضمن إصلاحات جوهرية، ولا يحقق مبدأ “من يملك أكثر يؤدي أكثر”، كما يهمّش العالم القروي ويرسّخ الامتيازات لفئات محدودة.
كما انتقدت ضعف المبادرة الحكومية في ظل “تعديلين فقط” مقابل مئات التعديلات من المعارضة، معتبرة الأمر “انحيازاً واضحاً” يضر بجودة النقاش التشريعي.
“قانون منفصل عن نبض الشارع”
وتؤكد النائبة أن المشروع، بصيغته الحالية، “منفصل تماماً عن هموم المغاربة”، ولا ينسجم مع التوجيهات الملكية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، مضيفة:
“الحكومة برفضها أكثر من 325 تعديلاً معارضاً واكتفائها بتعديلين شكليين، تؤكد أنها تدير ظهرها لمطالب المواطنين، وتقدم قانوناً يخدم مصالح ضيقة بدل أن يكون أداة للإنصاف والكرامة والتنمية المتوازنة”.
وتخلص الفتحاوي إلى القول إن رفض ضريبة الثروة وغياب إجراءات قوية لمواجهة الريع والاحتكار “يضعف القدرة على تمويل الخدمات العمومية”، ويجعل المشروع “أقل قدرة على تحقيق التنمية الشاملة”.
وختمت:
“لهذه الأسباب صوّت فريقنا ضد مشروع قانون المالية لسنة 2026، ودعونا إلى إعادة صياغته بما يضمن العدالة والكرامة لكل المواطنين”.

