✍️ المصطفى المرجاني

كلمة فساد في مفاهيم اللغة “فسد” عكس ” صلح” أي
بمعنى البطلان ،  فيقال فسد الشيء أي بطل واضمحل ، والفساد هو الخروج عن القانون والنظام ، أي عدم الإلتزام بهما وإستغلالهما من أجل تحقيق عدة مصالح سواء كانت سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية  لفرد أو جماعة.
ومن أخطر أنواع الفساد الخفي هو الفساد الإداري والمالي ، حيث يترتب عنه وصول أشخاص إلى مواقع قيادية ، بل الأخطر من ذلك  الوصول إلى مواقع صنع القرار بالمحسوبية دون النظر إلى التأهيل والكفاءة ، ضاربين عرض الحائط أهمية التعليم والخبرة والأهلية  ، مما يترتب على هذا  الفساد آثار سلبية متعددة تقضي على عمليات التطوير والبناء والإصلاح الإداري ، ما يساهم في تبديد الثروات والموارد الوطنية ويعيق  مسيرة التطوير والنهوض بالبلاد في مختلف الأصعدة والمجالات.
عندما نرى في الأحزاب السياسية حب السلطة والمال والشغل الشاغل لديهم هو استغلال المنصب من أجل الثراء الفاحش ، إن الأحزاب السياسية بالمغرب أصبح همها الأساسي هو إستغلال المناصب من أجل الكسب  وإستغلال المواطن البسيط الجاهل بحقوقه وجعله أداة لجني مكاسب لأنفسهم وذويهم
إن المتتبع للتصريحات التي يقوم بها مجموعة من الوزراء في المحافل الرسمية ، وفي مواقع التواصل الإجتماعي تبين جليا المستوى الضعيف لأخلاقيات  الوظيفة المنوطة بهم في العمل الحكومي ، والغريب في الأمر أنها  ليست المرة الأولى ، بل هناك مجموعة من الوزراء أبانوا على مستواهم الأخلاقي للمهنة  في تدبير الشأن السياسي الذي من أجله انتخبوا، وخرجوا كعادتهم بتصريحات صبيانية غير مسؤولة ، تبين هدفهم الخبيث   إنها مجموعة من ناهبي المال العام  نجحوا  بالكذب والنفاق على الشعب على أنهم مصلحون وهم في الحقيقة
لصوص.
في غياب تام للمحاسبة والمساءلة من الجهات المعنية بمراقبة عمل الحكومة ، تزداد الشهية أكثر في النهب وسرقة  ثروات البلاد ، لكن عندنا في المغرب المحاسبة تكون على الضعفاء وصغار الموظفين وباقي المواطنين البسطاء فقط .
كباقي المتتبعين لمواقع التواصل الإجتماعي ، كان هناك تسريبات لأسماء الناجحين في مباراة المحاماة، والملاحظ أن جل أسماء الفائزين من أبناء شخصيات نافذة في البلاد ، مما أثار موجة من الغضب بين أوساط أبناء هذا الوطن ، خلق معه الإحساس بفقدان العدالة الإجتماعية وفقدان الثقة بالنظام الإجتماعي والسياسي وبالتالي فقدان الشعور بالمواطنة
اما نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فقد اعتبروا هذه المحسوبية والزبونية قمة الفساد في غياب صارخ للقانون وتفعيله حتى أصبحوا هم القانون ،  فهذا خرق من نوع خاص لحقوق الانسان يصل الى نفي مبدأ اساسي من مبادئ حقوق الانسان وهو المساواة.
والغريب والمثير للجدل هو خروج بعض المحسوبين على صناع القرار من انتخبهم الشعب للدفاع عنهم، خرج وزير العدل بتصريح مفاده أن من يتوفر على إمكانيات مادية له الحق  في ولوج مناصب عليا ،  أما الفقراء فلا مكان لهم في هذه المناصب  ، وهذا تصريح خطير يغلب عليه الولاء القبلي والعائلي والحزبي على الولاء للوطن ومصلحة المواطنين في تقديم الخدمات العامة ، والمفروض أن وظيفتهم تنحصر في خدمة الشعب ورعاية مصالحه ، في حين نرى عكس ذلك ، مثل هذه التصريحات الغير المسؤولة من أشخاص المفروض أن يتكلموا بلسان من  صوتوا عليهم ، والملاحظ أن مثل هذه الخرجات من وزراء  هم من يدبرون شأن الأمة ، يعطينا الإحساس بضعف الأخلاقيات الوظيفية للعمل الحكومي وغياب مفهوم المساءلة العامة
هنا يتساءل سائل عن مدى ضعف أجهزة المراقبة في الدولة وعدم إستقلاليتها ، ما يتيح الفرصة إلى عدم معاقبة المسؤولين المتهمين بالفساد وإستغلال المنصب.
إن فضيحة تسريب نتائج الناجحين في المحاماة وما شابها من خروقات وفضائح  أشعلت الشارع المغربي بين ساخط على ماوصل إليه المغرب من عدم الشعور بالمسؤولية ، وبين من يرى أن الوضع السياسي في المغرب لاعلاقة له بالتدبير المحكم هدفه الأسمى هو خدمة الشعب ،  إن الوضع السياسي في بلادنا  يعرف تراجعا كبيرا في أخذ القرارات الصحيحة والمسؤولة من صناع القرار وعدم ربط المسؤولية بالمحاسبة وهوشرط أساسي في التقدم والتنمية.