✍️بقلم: مولاي عزيز أخواض
في لحظة فارقة من مسار التنمية المجالية والاقتصادية، احتضنت جماعة بولنوار بإقليم خريبكة، صباح الجمعة 13 يونيو 2025، انطلاقة مشروع صناعي وطني كبير يحمل اسم “شيمكو” (Chemco)، الشركة المغربية المتخصصة في صناعة الأسمدة السائلة ذات الجودة العالية، وذلك على مساحة تفوق 23 ألف متر مربع، وباستثمار يفوق 100 مليون درهم.هذا المشروع، الذي يعكس طموحًا واضحًا ورؤية وطنية استراتيجية، يستهدف إنتاج أكثر من 60 ألف طن سنويًا من الأسمدة المتخصصة والمركّبة، مع إمكانيات توسع مستقبلية حسب حاجيات السوق. كما سيوفر المصنع 120 منصب شغل مباشر، وأكثر من 200 فرصة غير مباشرة، ما يشكل دفعة قوية للنسيج الاقتصادي والاجتماعي المحلي، في منطقة تزخر بالكفاءات والمؤهلات الصناعية.في كلمة مؤثرة بالمناسبة، شدد السيد محمد تخيم، الرئيس المدير العام لشركة شيمكو، على أن المشروع يتجاوز البُعد الصناعي نحو التزام وطني بالمساهمة في الأمن الغذائي المغربي، خاصة في ظل التحديات البيئية المرتبطة بندرة التساقطات وتغير المناخ.وقال: “نحن لا نزرع فقط مصنعًا في خريبكة، بل نزرع الأمل، ونضع لبنة جديدة في صرح مغرب قادر على إنتاج حاجياته الزراعية بوسائله الذاتية، وبمعايير عالمية”.
وأضاف: “الفلاح المغربي يستحق منتجات في متناول يده، بجودة عالية، ودون الاعتماد الكلي على الاستيراد. وشيمكو تؤمن أن التنمية الحقيقية تبدأ من احترام حاجيات الأرض ومن يفلحها”.اختيار إقليم خريبكة كموقع للمصنع لم يكن اعتباطيًا، بل جاء نتيجة دراسة دقيقة لموقع استراتيجي قريب من مصادر الفوسفاط، وبنية تحتية صناعية راسخة، وتاريخ طويل في الصناعات التحويلية. كما يُتيح هذا الموقع تسهيل عمليات التوزيع وطنياً ودولياً، ما يُعزز من موقع شيمكو في الأسواق الفلاحية الإقليمية والعالمية.وقد شهد حفل إعطاء الانطلاقة الرسمية حضور شخصيات وازنة، على رأسها السيد عادل عزمي، المدير العام للمركز الجهوي للاستثمار بجهة بني ملال-خنيفرة، والسيد عبد رفيع معلم، رئيس دائرة خريبكة، والسيد محمد حنين، رئيس المجلس الجماعي لبولنوار، إضافة إلى ممثلين عن السلطات المحلية، وشركاء اقتصاديين وفلاحيين، وعدد من الفاعلين المهنيين والمهتمين بالشأن التنموي.وفي مشهد رمزي معبّر، تم غرس أول شجرة داخل الورش، كتعبير عن انطلاقة حياة جديدة في قلب هذا الورش الصناعي الواعد، وكأن لسان حال القائمين عليه يقول: “ها هنا تبدأ الزراعة من المصنع، وتُروى التنمية بالتخطيط والاستثمار”.شركة شيمكو ليست وافدًا جديدًا على الصناعة، بل تحمل معها خبرة وتجارب سابقة ناجحة في أوروبا وآسيا، من خلال شراكات أو وحدات إنتاج في بلجيكا، هولندا، إسبانيا، بلغاريا والهند، ما يمنح المشروع في خريبكة بعدًا دوليًا يُضيف للمغرب إشعاعًا جديدًا في قطاع الصناعات الفلاحية المتقدمة.إن مشروع شيمكو ليس فقط مصنعًا، بل منصة وطنية للابتكار الزراعي، وجسرًا يربط بين ثرواتنا الطبيعية وطموحاتنا في الأمن الغذائي، ومنارة تنموية تضيء طريق المستقبل بإشراف مغربي وإبداع محلي.ها هي خريبكة، مجددًا، تُبرهن أنها ليست فقط أرض الفوسفاط، بل أرض المبادرات، ومهد الصناعات، ومنجم الأمل لكل من يؤمن أن الصناعة والفلاحة صنوان لا ينفصلان.
تعليقات الزوار ( 0 )