الزوبير بوحوت 

في أزقة قصر آيت بن حدو ذات اللون الطيني والمصنّف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو مند حوالي 40 سنة ، تتردد أصوات اللغة الصينية أكثر فأكثر. يقع هذا الموقع الرمزي على بُعد حوالي 30 كلم من ورزازات، ويستقطب موجة جديدة من الزوار القادمين من آسيا، المبهورين بالثراء الثقافي، وتنوّع المناظر الطبيعية، ودفء الضيافة المغربية.

في تقرير مصوّر لوكالة «أسوشيتد برس»  نشر يوم 7 يوليوز  2025:، تم تسليط الضوء على الاهتمام المتزايد للسياح الصينيين بالمغرب. بين التقاط الصور أمام أسوار القصر، واقتناء  منتوجات الصناعة  التقليدية المحلية، وتذوق الاطباق المغربية ، والتفاعل مع المرشدين السياحيين، عبّر الزوار عن حماسهم الكبير. يقول “شيهاو تشين” من شنغهاي: «ما جذبني إلى المغرب هو تنوعه الثقافي: العربي، الأمازيغي، الإفريقي، والأوروبي».

منذ إلغاء التأشيرات سنة 2016 من طرف الملك محمد السادس بالنسبة للمواطنين الصينيين، شهدت أعداد الزوار من الصين ارتفاعًا مذهلاً. ويُذكر الباحث في السياحة، الزبير بوحوت، في التقرير أن العدد قفز من أقل من 10,000 سائح صيني قبل عام 2016 إلى أكثر من 140,000 في عام 2019، رغم التراجع المؤقت خلال جائحة كوفيد-19. ومع استئناف النشاط السياحي وافتتاح الخطوط الجوية المباشرة بين الصين والمغرب، من المتوقع أن يصل العدد إلى 250,000 وربما 300,000 سائح في سنة 2025.

وقد تكيف المهنيون المغاربة مع متطلبات هذه الفئة من الزوار. يوضح عبد الإله كرومي، مدير مطعم “واحة الذهب” في آيت بن حدو، أن تقديم أطباق مغربية ملائمة لذوق السياح الصينيين أمر بالغ الأهمية، بما في ذلك حساء اليقطين، والطاجين، وتقديم الماء الدافئ على المائدة. ويضيف: «السياح الصينيون فضوليون ويستمتعون بأطباقنا التي تختلف تمامًا عن مأكولاتهم».

ومن جهتها، تقول “سيو منغ تشي”، وهي سائحة صينية من مقاطعة شاندونغ، إنّها اختارت زيارة المغرب بعد مشاهدة فيلم شمال إفريقي تناول مدينة الدار البيضاء، ما جعلها تنبهر بالعادات والثقافة المغربية.

ويعود الفضل في هذا النجاح إلى الاستراتيجية الاستباقية التي انتهجها المكتب الوطني المغربي للسياحة ، والتي شملت المشاركة في المعارض السياحية الدولية، وحملات ترويجية على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية، إضافة إلى برنامج “China Ready” الهادف إلى تكوين المهنيين المغاربة في اللغة الصينية وتكييف العرض السياحي مع المتطلبات الثقافية للزوار الصينيين.

إنّ الإقبال المتزايد من السياح الصينيين على المغرب، والذي تجسّده حركة الزوار في قصر آيت بن حدو، يبرهن على قدرة المملكة على التموقع كوجهة متعددة الأبعاد، تجمع بين الصحراء، والمدن التاريخية، والضيافة الأصيلة. دينامية واعدة للاقتصاد المحلي وصورة المغرب عالميًا.