في سياق الصورة كانت لي دردشة مع احدهم بالمهرجان الدولي للسينما للجميع بمدينة تيزنيت بحر هذا الاسبوع ، حيث تناولنا قضايا الفن والسينما بالمغرب ، ولكن الشئ الذي استغربته ولم أكن أتوقعه من هذا الشخص ، حينما وصل بنا الحديث والنقاش الى مسلسل بابا علي ، وشخصية بابا علي بالخصوص ، قائلا عن أي رصيد أكاديمي وعلمي لدى هذا الممثل حثى يتم تكريمه بهذا الشكل وبهذا الزخم ؟ وأنا في لحظة انتابني الشك هل فعلا يعي ما يقوله؟ أم أنه مجرد كلام في كلام ؟ ولكن تأكدت لي جديته لما استرسل في حديثه عن العرب والأمازيغ ؟ حينها لمست وتأكدت أن رائحة العنصرية والتفرقة المقيتة لازالت وبكل أسف تعشعش في داخل الكثير ممن يعيشون ونتعايش معهم في هذا الوطن الحبيب …

وفي اختصار للواقعة ؟ كانت إجابتي :
أولا بابا علي ومسلسله الناجح والناجح جدا حقق نسب مشاهدة عالية جدا ، وحقق أيضا ما يسمونه في وسائل التواصل الاجتماعي ” الطوندونس” في جميع مواسمه بدون منازع.

بابا علي يبقى إبن المغرب العميق ، إبن البادية ، إبن الدوار ، حيث لا وجود لدور الثقافة ، والمسرح ، والموسيقى … ، وحثى المعاهد والجامعات … الخ ، بابا علي وغيره كثير في مجالات مختلفة ، تحدوا كافة الظروف القاسية ، من أجل تحقيق حلم قد يبدو للبعض مستحيلا وبعيد التحقق ، لكن ما لا يعرفه مثل هؤلاء العنصريين أن الإيمان الذي يتسلح به بابا علي وغيرهم كثير ، لن يحس ولن يشعر به إلا من هو قادم من عمق المعاناة وقلة اليد …

إن مدرسة الحياة هي التي تخرج منها أفواج وأفواج كأمثال بابا علي وغيره ، فكم من ممثل تخرج من جامعات دولية وتمرس في معاهد راقية ودفع أمولا كثيرة لزيادة الخبرة والأداء … ، ولكن ما هي حدود شهرته وقيمته وأسهمه في الوسط الفني؟ وهل استطاع دخول قلوب المغاربة بأدائه وأدواره ؟ وهل أسعفته شواهده العليا في تحقيق النجاح والشهرة التي يطمح لها ؟

السؤال الذي سأختم به ، من في مصلحته نشر هذه العنصرية المقيتة في مجتمعنا ؟ ومن يستفيد من نشره لهذه السموم وسط أبناء وبنات الوطن الواحد ؟

فالمغرب بتنوع وتعدد الأعراق والإثنيات التي يحتضنها في المجتمع الواحد من طنجة الى الكويرة ، يزخر بثقافة متنوعة ، وحضارة ثرية ، جعلت منه بلدا استثنائيا على الصعيد الاقليمي والدولي ، بل يحسب ويضرب به المثل في جميع بلدان العالم.