عبد الكريم غيلان: كاتب رأي

يشكل سوق السمك بسيدي إفني شريان الحياة الاقتصادية للمدينة، فهو المحرك الرئيسي للنشاط التجاري ويعكس حيوية هذه المدينة الساحلية الجميلة . ورغم هذا الدور المحوري، إلا أن السوق يعاني من وضع مزرٍ يهدد مستقبله واستمراريته.
لا يكفي أن نطلق على مكان ما اسم “سوق”، فالسوق الحقيقي هو ذلك الذي يوفر بيئة صحية وآمنة، ويضمن تلبية احتياجات المستهلكين، ويحقق عوائد اقتصادية جيدة للباعة و مداخيل مهمة للمجلس الجماعي . أما ما يحدث في سوق السمك بسيدي إفني فهو كارثة حقيقية تشوه صورة المدينة وتضر بسمعتها.
سوق في اسمه فقط
عندما نتحدث عن سوق السمك بسيدي إفني، فإننا نتحدث عن مساحة ضيقة ومزدحمة، لا تشبه الأسواق التي نعرفها، بل أقرب ما تكون إلى سويقة عشوائية داخل سوق أكبر. هذه المساحة الصغيرة لا تتناسب بأي حال من الأحوال مع الكمية الهائلة من الأسماك التي تصل إليه يومياً، ولا تستوعب الأعداد الكبيرة من الزبائن الذين يقصدونه، خاصة خلال موسم الصيف عندما تتضاعف أعداد السياح وأفراد الجالية العاملة خارج الوطن .
ظروف عمل مزرية:
يعمل الباعة في هذا السوق في ظروف مزرية للغاية، حيث يتعرضون لأوساخ من بقايا الأسماك تزكم الأنفس، ولا يتوفرون على أدنى مقومات النظافة والصحة. كما أن ضيق المساحات وعدم وجود تنظيم يجعل من الصعب عليهم عرض بضاعتهم بشكل لائق، مما يؤثر سلباً على مبيعاتهم.
معاناة المواطنين:
لا يعاني من هذه الأوضاع المزرية الباعة فقط، بل يعاني منها أيضاً المواطنون الذين يقصدون السوق لشراء احتياجاتهم من الأسماك. فالصعوبات التي يواجهونها أثناء التسوق، والروائح الكريهة التي تنتشر في المكان، كلها عوامل تجعل تجربة التسوق في هذا السوق تجربة سيئة.
مشاكل لوجستية:
تزداد المشاكل تعقيداً بسبب الصعوبات اللوجستية التي تواجه نقل الأسماك من الميناء إلى السوق. فالمسافة بين الميناء والسوق قصيرة،
لكن مدخل السوق ضيق و غير ممهد مما يعقد امكانية ولوج شاحنات نقل الأسماك و يؤثر سلبا على عملية تسليم السلع
احتلال أصحاب شبه المطاعم :
المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تتفاقم بسبب احتلال مجموعة من أصحاب شبه المطاعم للمساحات التي كانت سابقا مخصصة لوقوف شاحنات نقل الأسماك هذه “المطاعم ” تقوم بطهي الأسماك وشويها، مما يملأ الأجواء بالروائح التي تنبعث من الأدخنة المتصاعدة كضباب كثيف ،استحود على انوف و أعين المارة مما يجعل من المستحيل رؤية ما يجري من حولك .
تداعيات خطيرة:
هذه الأوضاع المزرية للسوق لها تداعيات خطيرة على العديد من الجوانب، منها:

  • تدهور جودة المنتجات السمكية: بسبب سوء الظروف الصحية وعدم توفر التبريد اللازم.
  • ارتفاع أسعار الأسماك: قلة العرض نتيجة التصدير و ضيق المساحة المخصصة للبيع
  • تراجع الإقبال على شراء الأسماك: بسبب وضعية السوق والظروف غير الصحية.
  • تأثير سلبي على سمعة المدينة: حيث يرتبط انطباع الزوار عن المدينة ارتباطاً وثيقاً بوضع سوق السمك.
    حلول مقترحة:
    لمواجهة هذه الأزمة، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة، منها:
  • توسيع مساحة السوق او إيجاد بديل له : لتوفير مساحات كافية لعرض و بيع الأسماك ، وتسهيل حركة الباعة والمشترين.
  • تحسين البنية التحتية: بتوفير طرق ممهدة لنقل الأسماك، وشبكات صرف صحي، ومياه جارية، وإضاءة كافية.
  • تنظيم عملية البيع والشراء: بوضع قواعد صارمة تضمن النظافة والصحة، وتمنع البيع العشوائي.
  • توعية الباعة والمشترين: بأهمية الحفاظ على النظافة والصحة.
    سوق السمك بسيدي إفني هو أكثر من مجرد مكان لبيع الأسماك، فهو جزء من هوية المدينة، ومرآة تعكس مدى اهتمام المسؤولين بتوفير حياة كريمة للمواطنين. لذلك، فإن إصلاح هذا السوق أو إيجاد بديل له ليس مجرد واجب، بل هو ضرورة ملحة، تتطلب تضافر جهود الجميع.
    ندعو المسؤولين إلى التحرك العاجل لحل هذه المشكلة، وإعادة الاعتبار لسوق السمك بسيدي إفني، ليكون مكاناً نظيفاً وصحياً، يليق بمدينة سياحية تتمتع بموقع جغرافي متميز.
    في ختام هذا المقال ومن أجل تفاعل افضل مع القراء تبقى أسئلة مفتوحة للنقاش:
  • لماذا يتم تجاهل هذه المشاكل الهامة التي تؤثر على حياة الآلاف من المواطنين؟
  • أين هي الجهات المسؤولة عن توفير البنية التحتية اللازمة لتحسين ظروف العمل في السوق؟
  • متى ستتخذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه الأوضاع المزرية؟