✍️ المصطفى المرجاني

إن ما وقع في الٱونة الأخيرة بمدينة أرفود المغربية ، وفاة أستاذة اللغة الفرنسية متأثرة بجروح بليغة إثر إعتداء جسدي تعرضت له على يد أحد طلابها في الشارع العام بواسطة أداة حادة ، يطرح عدة تساؤلات حول وضعية رجال ونساء التعليم في المغرب وحجم التحديات التي يواجهونها، سواء من حيث الظروف المهنية أو من حيث الحماية القانونية والأمنية،
سؤال : كيف يمكن الحديث عن بناء العقل والذات والتاريخ والحضارة في غياب منظومة تعليمية هادفة ؟.
إن التعليم هو بالفعل الأساس في أي دولة ، فهو أحد أهم الركائز الأساسية في تطوير وتقدم المجتمعات ، و يمكن للدول تحقيق التقدم والإبتكار في مختلف مجالات الحياة .
يساهم التعليم في بناء قدرات الأفراد وتمكينهم من تحقيق طموحاتهم والمشاركة الفعالة في المجتمع ، وبالتالي الإستثمار في التعليم إستثمارا أساسيا للدول لتعزيز التنمية المستدامة والرفاهية العامة .
إن مشكلة التعليم في المغرب ليست مرتبطة بنقص أو غياب تشخيص المشاكل ، أو بعجز عن الحلول ، أو نقص في الكوادر البشرية أو الموارد المالية ، بل جوهر المشكلة في غياب إرادة الإصلاح ، وربط فلسفة التعليم وأهدافه بفلسفة وأهداف الحزب في خدمة الإيديولوجيات ، وربط القرار التربوي بالقرار السياسي .
إن السياسة التي يأخذ منها نظام التعليم تؤخذ غالبا من سياسة الحزب ، أو من رؤية شخصية كوزير التعليم الذي يكرس سياسة حزبه في بناء مناهج التعليم ، وتعديل مقرراتها وتغييرها بما يتلاءم مع سياسة هذا الحزب ، ولم تكن المدرسة يوما خارج دائرة الإستهداف السياسي ، فكانت ولا تزال هدفا سياسيا وتجاريا ، مثل التشجيع على المدارس الخصوصية .
ومن هنا يتغير مضمون التعليم ، ويتحول من رسالة للتربية والتعليم ، وتنمية التفكير، وإعداد الأجيال الواعدة إلى فلسفة حزبية، للتضليل والتجهيل، لخدمة الحزب ، وتتحول المدرسة من مؤسسة تربوية لبناء الأجيال إلى مكتب سياسي للحزب الحاكم ، أو شركة تجارية للطبقة الرأسمالية.
في خضم هذا الواقع المؤلم الذي تتراجع فيه القيم والأخلاق في غياب إستراتيجية محكمة ومسؤولة في المناهج التربوية ، ليعلم الإنسان الحكمة من وجوده‏ في الحياة ، فالتعليم هو الطريق إلى الفكر السليم والنهضة في مختلف المجالات ، كما جاء في خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة إنطلاق الموسم الدراسي 12/09/2000
« إنه لا سبيل لنا غير النجاح بعون من الله وتوفيقه في هذه المسيرة التربوية الكبرى سلاحنا في ذلك هو حرصنا الدائم على خدمة المصلحة العليا لوطننا وجعلها فوق كل إعتبار وكذا إيماننا الراسخ بما يتحلى به شعبنا من إرادة وإصرار وعزيمة لاتعرف الكلل أو الملل من أجل بلوغ الأهداف المنشودة من الإصلاح ».