✍️عزيز أخواض
في تصريح أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، خرج رئيس جهة بني ملال خنيفرة، السيد عادل بركات، بتصريح غير مألوف، عبّر فيه عن “امتعاضه” من كون مدير موقع المجمع الشريف للفوسفاط بخريبكة لا يرد على مكالماته الهاتفية، وهو ما اعتبره البعض تقليلاً من شخصية المدير، واختزالاً مقلقاً للتواصل المؤسساتي في علاقة شخصية محدودة.
_هل تُدار المؤسسات بالمكالمات؟

لم يعد خافياً أن التواصل بين المؤسسات الكبرى في الدولة يجب أن يتم عبر قنوات رسمية تحفظ للكل مقامه، لا أن يُعلّق مصير الشراكة أو مستوى التنسيق على مكالمة هاتفية لم تُجاب. حين يُعلن مسؤول جهوي أمام وسائل الإعلام أن أحد أهم شركائه لم يرد على هاتفه، فهو لا يضر إلا صورة الجهة، ويظهر ضعفاً في آليات التنسيق الرسمي، وربما استعجالاً في اتخاذ المواقف.

_مسؤول بمهام تتجاوز الحدود.
والحقيقة التي يجب قولها – رغم
انتقادنا لإدارة موقع خريبكة للفوسفاط في ملفات محلية أخرى – أن الرجل على رأس موقع استراتيجي لمؤسسة وطنية عالمية، ترتبط بشبكة من الاتفاقيات الدولية التي تجعل من مديرها شخصاً دائم التنقل، بين أمريكا والهند وأوروبا وغيرها، ينسّق صفقات تصدير ويدبر مشاريع بملايين الدولارات. وبالتالي، فليس من السهل التواصل معه عبر الهاتف في أوقات غير مضبوطة، ولا يجوز أن يُحمّل شخصياً مسؤولية التقصير في التنسيق الجهوي.

_المجمع… لا ينكر دوره إلا جاحد.

من المعروف لدى ساكنة الجهة، أن المجمع الشريف للفوسفاط – عبر موقعه بخريبكة – لم يتأخر يوماً عن المساهمة في أوراش اجتماعية وتنموية كبرى، منها ما هو ظاهر في البنيات التحتية، ومنها ما هو عميق في دعم التعليم والصحة والثقافة والرياضة. فلا يعقل أن يتم القفز على هذا الرصيد في لحظة انفعال إعلامي أو رغبة في تبرير اختلالات أخرى.

الجهة تنتظر من رئيسها أكثر من العتاب. في جهة تعد من أكبر جهات المغرب مساحة وسكاناً، وتواجه تحديات تنموية عميقة في العالم القروي، والتعليم، والصحة، والتشغيل، كنا ننتظر من رئيس الجهة أن يقدم رؤية استراتيجية، وأن يبني علاقاته مع الفاعلين الاقتصاديين الكبار على الثقة والتشاور، لا على العتاب العلني. فالتنمية لا تُصنع بتصريحات ارتجالية، بل بإرادة حكيمة، وذكاء مؤسساتي، وحرص على ألا تتصدع جسور التعاون بسبب لحظة انفعال. كلمة أخيرة: الكبار لا يطرقون الأبواب… بل يوقّعون الاتفاقيات.

من كان في موقع المسؤولية، عليه أن يدرك أن الكبار لا يتراسلون بالهاتف، بل يوقعون مذكرات التفاهم، ويجلسون إلى طاولة العمل، يضعون الأولويات، ويخلقون الحلول.

والتاريخ لا يرحم الانفعاليين… بل يخلّد البنّائين.