✍️ المصطفى المرجاني 

إن دور المؤسسات التعليمية في نمو المجتمع وتطوره أساس تقدم الشعوب ، وتعد وسيلة من وسائل التنمية الإنسانية ، بالتعليم تكون نهضة المجتمعات.
تعتبر مواقع التواصل الإجتماعي ظاهرة اجتماعية غيرت نمط حياة المجتمعات بطريقة كبيرة ، ويكون تأثيرها على الفرد والمجتمع حسب مستواه التعليمي والثقافي.
قبل عدة سنوات كانت كلمة “المؤثر” تطلق على قائد الرأي أو مفكر أو مثقف ، لأن دورهم الطبيعي هو التأثير في الناس ، وتغيير القناعات والتوجهات والأفكار من أجل توجيه المجتمعات نحو التغيير الإيجابي ، والملاحظ اليوم عكس ما كان بالأمس ، في أيامنا هذه فقد انفلتت المعايير والمفاهيم بشكل كبير ، ولم يعد التأثير هو ذلك التأثير.
إن النجم اليوم في شبكات التواصل الإجتماعي ليس هو المفكر أو الكاتب وليس المثقف ، بل هو التافه وكلما زادت تفاهة هذا النجم ، زادت شهرته ، ولا يمكن أن نحارب ظاهرة تقوم على الجهل دون محاربة الجهل نفسه.
إن الحكومات الفاسدة والمستبدة هي التي تعتزم تغدية المواد التافهة لكي يزداد (الإستحمار) لدى أغلب مكونات المجتمع ، ويأتي هذا بدرجة أولى وتكون أساسية، هو إفساد الإعلام العمومي، فنجد في كل القنوات الرسمية الإكثار من البرامج الترفيهية المبالغ فيها وصرف أموال طائلة في إنتاج التفاهة إلى عقول المواطنين من خلال مسلسلات وأفلام وبرامج ذات محتوى فارغ ومنحط ، فهذه الحكومات نفسها هي التي ترفع القيود على هذه المواقع ، حيث يكون الزائر حرا طليقا في انتقاء ما يريد مشاهدته ، مما يجعل الإقبال واللهث وراء الفيديوهات الغير الهادفة، وهي لاتعدو أن تكون ترفيهية بشكل مبالغ فيه ، لإشباع الشهوة والنفس الأمارة بالسوء من خلال متابعة أشخاص اكتسبوا الشهرة عن طريق فعل جنوني أو من خلال فضيحة اقترفوها أو حتى عمل غبي أوصلهم إلى قائمة الشهرة والأعلى مشاهدة على منصة اليوتيوب.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا : لن يستطيع أولئك التافهون أن يصبحوا نجوما من لاشئ لولا متابعتنا لهم ونشر أعمالهم ، لأن عقول الأغلبية لاتتماشى كثيرا مع الفكر الراقي والقراءة ، لكنها تجد ضالتها في إشباع حاجاتها من خلال الإقبال على التفاهة.
الإهتمام بمحتوى تافه لن يخدم إلا مصالح شخص غير مفيد تافه يجعل المتلقي أكثر غباءا وسطحية في المقابل تعتبر سيفا حادا يبثر كل القيم والمبادئ التي تحفظ مكانة المواهب الحقيقية ، وعندما يتدنى مستوى التعليم خصوصا عندما يكون علما لاينفع ، لايؤدي إلا لهدر سنوات غالية من عمر الإنسان ، بدل ذلك أصبح التعليم مسيسا لتوجيه وخلق وعي متدن لصالح فئات معينة ، همها الثروات ونهب خيرات البلاد على حساب المواطن الضائع ليزداد ضياعا وإبقائه أطلالا غير صالحة للحياة الآدمية ، فقط شعوبا مشوهة فكريا تتناحر مع بعضها البعض.
عندما نرى في بلادنا مسؤولا من درجة وزير يطبع مع الرذيلة والكلام الساقط تحت غطاء حرية التعبير، وعندما يستظاف التافهون في قنوات الصرف الصحي، وعندما يستظاف رجل أجنبى بلباس غريب وأوشام على جسمه بمدارسنا حتى يكون قدوة لأطفالنا، وكل هذا بمباركة من حكومتنا المغربية ، هذا له تفسير واحد هو محاربة القيم والمبادئ والأخلاق بإسم الحرية !!!؟.
فعلا سقطت الأقنعة وأزيل الغطاء عن واقع المجتمع لتتكشف لنا حقيقة فساده ، بعدما استولى التافهون على السلطة.