✍️نورالدين سوتوش

أعلنت حكومة المعطي بوعبيد يوم 28 ماي 1981 عن رفع أسعار المواد الاساسية استجابة آنذاك لإملاءات صندوق النقد الدولي ،والتي تمثلت في تنفيذ مخطط ما يسمى بالتقويم الهيكلي الذي نهجته الدولة المغربية قبل احتجاجات 1984 بعديد من المدن المغربية، لتجاوز السكتة القلبية الاقتصادية كما وصفها المرحوم الحسن الثاني رحمه الله.

هذه المرحلة من التاريخ المغربي المعاصر عرفت اندلاع مظاهرات عنيفة خاصة بمدينة الدار البيضاء ،وخلفت العديد من القتلى في صفوف المواطنين المتظاهرين، الذين وصفهم إدريس البصري بشهداء الكوميرا في تلك الحقبة.

فهي أيام سوداء، او كما وصفت بسنوات الرصاص، أعطت للجميع درساََ في منتهى الأهمية ، حيث نتج عنها الوصول إلى حالة من الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي، و اتساع هامش حرية التعبير وحقوق الإنسان.

فهذه كلها أحداث عرفها المغرب في ثمانينيات القرن الماضي،ومن منطلقها نتسأل؛ ألم يحن بعد لحكومتنا الحالية أن تتحرك، وتتدارك ما يمكن تداركه قبل أن يسوء الوضع؟

الحكومة تقول بأنها في تتبع دائم للوضع، وعلى دراية عميقة لما وصلت إليه أحوال المواطن المتأزم من ارتفاع اسعار كل المواد الاساسية والغير الأساسية.

فما هو الحل اذن للأزمة؟

فالعديد من الخبراء الاقتصاديين بمختلف توجهاتهم الفكرية، وكذلك مؤسسات مالية دولية أوجدوا بدائل وقدموا حلولا لأزمة ارتفاع الأسعار أو ما يسمى بالتضخم.

فمنها نورد بعضاََ من مقترحات البنك الدولي، رغم تحفظنا على الادوار التي تلعبها هذه المؤسسة المالية في التأثير على الاقتصاد العالمي، كما يلي :

أولاً،ومن أجل الحفاظ على استمرار تدفق تجارة المواد الغذائية

أوصى البنك الدولي البلدان والمنظمات الدولية أن تقف متحدة مرة أخرى في التزامها بالحفاظ على إنتاج المواد الغذائية وتوفيرها.واشار البنك في هذا الإطار إلى دعوة مجموعة الدول السبع البلدان كافة إلى إبقاء أسواق المواد الغذائية والزراعية لديها مفتوحة، وأن توفر سبل الحماية من أي قيود غير مبررة على صادراتها.

ثانياً، دعم المستهلكين والأسر الأكثر تضرراً عن طريق شبكات الأمان.

َشدد البنك الدولي على ضرورة الحفاظ على استمرار برامج الحماية الاجتماعية التي تخفف من حدة الأضرار التي تلحق بالمستهلكين، أو توسيع نطاق هذه البرامج. والأمر لا يقتصر على توافر المواد الغذائية، بل تُعد القدرة على تحمل تكلفتها مصدر قلق لا سيما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ، حيث ينفق السكان نسبة أكبر من دخلهم على الغذاء مقارنة بالبلدان مرتفعة الدخل. وقد لجأ الكثيرون بالفعل إلى خفض الإنفاق قبل الحرب بسبب انخفاض الدخل وارتفاع أسعار المواد الغذائية. وفي أي بيئة محدودة الموارد، يجب على الحكومات إعطاء الأولوية لدعم الأسر الأكثر تضرراً.

ثالثاً، دعم المزارعين.

ولفتت المؤسسة المالية الدولية" ان مخزونات المواد الغذائية العالمية لم تعد كافية اليوم، وأضاف ذات البنك"أنه بحاجة إلى حماية محصول الموسم المقبل من خلال مساعدة منتجي المواد الغذائية على التعامل مع الزيادة الحادة في أسعار مستلزمات الإنتاج، بما في ذلك تكاليف الأسمدة وقلة توافرها. ومن شأن إزالة الحواجز التجارية على مستلزمات الإنتاج، والتركيز على تحسين كفاءة استخدام الأسمدة، وإعادة توجيه السياسات العامة والإنفاق العام لتقديم دعم أفضل للمزارعين أن تساعد جميعاً في حماية إنتاج المواد الغذائية بعد ستة أشهر من الآن."

وأضاف في السياق ذاته " أن آن الأوان للاستثمار في المزيد من البحوث والتطوير في هذا المجال لأن توسيع نطاق العلوم الناشئة، وتطبيق استخدام الأسمدة الحيوية التي تعتمد على نحو أقل على الوقود الأحفوري مقارنة بالأسمدة الصناعية، من شأنهما أن يزيدا من الخيارات المستدامة المتاحة للمزارعين."

رابعاََ ؛ يجب أن نعمل على تغيير أنظمة الغذاء حتى تصبح أكثر قدرة على الصمود وتحقيق الأمن الغذائي والتغذوي الدائم.

وأوضح البنك الدولي في هذا الصدد أن  أنظمة الغذاء كانت تعاني بالفعل من أزمات متعددة قبل الحرب. وكان انعدام الأمن الغذائي الحاد في ازدياد في العديد من البلدان، مما يعكس آثار الصدمات الاقتصادية، والصراعات المتعددة، وموجات الجفاف غير المسبوقة في تاريخ شرق أفريقيا، وغزو أسراب الجراد.

وفي ذات السياق، ونقلاََ عن مصادر اعلامية ،قال الخبير الاقتصادي عبد النبي أبو العرب "أن من بين الحلول الآنية تقديم الدعم المباشر للمتضررين،كما اقدمت عليه عدة بلدان من قبيل فرنسا، التي اعتمدت “شيك الطاقة” للمواطنين عموما، وأيضا إسبانيا التي قدمت الدعم المباشر للمستهلكين وتدخلت بتطبيق تخفيض في أسعار البنزين.

وأضاف أبو العرب أن “الحلول الآنية الممكنة تتمثل في ضرورة أن تحمل الدولة على عاتقها تكلفة هذه الزيادات، سواء على المهنيين أو المواطنين”، مفيدا بأن هذا “مستبعد حاليا بالنسبة للمغرب”.

وقال الخبير ذاته إن الحل على مستوى البعيد يتمثل في “إيجاد الطاقات البديلة للمحروقات”، منبها إلى أن “المغرب في الطريق الصحيح في هذا الاتجاه، فهو من الدول الأوائل التي انخرطت في مشاريع الطاقات المتجددة”.

فهذه كلها حلول على طاولة الحكومة ،فإذا استمرت الأزمة وتفاقمت، فلن يعد هناك أي مبرر آخر للاختفاء من ورائه.