✍️الهدية العبضلاوي

يعيش المغاربة وضعية صعبة لم يسبق لها مثيل؛ بعدما اشتعل لهيب الأسعار وتلضت بها الجيوب وشويت بها القلوب، ليجد الشعب نفسه بين مطرقة الغلاء وسندان ضعف القدرة الشرائية، ويستفيق من الأحلام الوردية التي حملتها انتخابات 8 شتنبر 2021 بقيادة حزب الحمامة التي طارت بعيدا بعدما أكلت الغلة رفقة ميزان مختل وجرار يحرث ولا ينبث.

وتستمر معاناة الشعب يوما عن يوم فبعد غلاء الوقود وما رافقه من غلاء السلع، تبعه غلاء المواد الأساسية وزيادات في الضرائب، وصولا إلى الإرتفاع الصاروخي لأثمنة الخضر، فأصبحنا أمام أزمة حقيقية يدفع ثمنها الشعب المسكين المغلوب على أمره..فبدل الزيادات الموعودة في الأجور والتعويضات التي حملها أخنوش في حملته الإنتخابية أصبحنا لا نرى إلا الزيادة في الأعباء وإثقال كاهل المواطنين بشتى أنواع الضرائب؛ لنشهد أن حكومة رجال الأعمال تتفنن في سحق الشعب وتعذيبه.

وترفع الحكومة “شعار الدولة الإجتماعية” كيافطة كبيرة تعلق عليها النقيض من خلال أفعالها، حيث تؤسس لمفاهيم جديدة في قاموسها تعكس رؤية وتأويلا جديدا لهذه العبارات الرنانة، فتشكيلة هذه الحكومة كانت عنوانا عريضا “لتضارب المصالح” وبشكل أصح تجسد مقولة ابن خلدون
“إذا تعاطى الحاكم للتجارة؛ فسدالحكم وفسدت التجارة”، وتوجه الإصلاح إلى تحميل الفقراء والكادحين ضرائب من يملكون الثروات ويكدسون الأرباح ويغنمون من مآسي هذاالوطن؛ لاسيما بعد سحب قانون الإثراء غير المشروع؛ ليتجسد المثل الدارج “زيد الشحمة فظهر المعلوف” .

وتشاء قدرة الأقدار أن نرى بلدا فلاحيا لا يحقق اكتفاءه الذاتي من الخضر والفواكه واللحوم والألبان، بعدما صرفت الملايير على “مخططه الأخضر” الذي أصبح أصفرا مقفرا، وسيكون تجنيا على الأقدار إن حملناها فشل تدبير وتخطيط بعض المسؤولين؛ ويستعصي علينا فهم واستيعاب النجاح الذي يتغنى به الاتباع في ظل الفشل الذي تؤكده تقارير رسمية وأخرى دولية، في ظل تعنت وتيه زعماء “الأغلبية” التي كانت ساحقة للشعب وإرادته ومريحة للإقطاعيين.

وتتعالى اليوم صرخات الشعب في كل المدن ضد الغلاء، أمام عجز الحكومة عن ابتكار حلول، وربما في الوقت الذي تزيد الطين بلة عبر استغلال هذه المآسي لاغتناء المدبرين وكبار السماسرة والمضاربين الذين يحتكرون جميع القطاعات ويتهربون من الضرائب وربما تمنع عنهم بشكل قانوني أحيانا ليستوردوا الجيف والشائط من مخلفات الشعوب؛ ليفتح مصير هذا البلد الأمين نحو المجهول، في ظل الإحتقان الشعبي الذي تشعله هذه الحكومة ومن يقدمون مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة.