أصبح منظر الباعة المتجولون في هذه الشواطئ من بين المظاهر اليومية التي تعود عليها المصطافون، أطفال ومراهقون من جميع الأعمار يحملون ”قففا” صناديق وأكياس يعرضون فيها مختلف المنتوجات قصد بيعها وكسب القوت اليومي بدل الاستمتاع بالبحر أو السباحة كنظرائهم، إن الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها أسر هؤلاء الأطفال هي التي دفعت بهم للعمل في العطلة الصيفية، لمساعدة أسرهم في تحمل أعباء المعيشة وتوفير القوت اليومي، ساعات عمل متواصلة تحت أشعة الشمس الحارقة.
في الوقت الذي تقضي فيه فئة كبيرة من الأطفال وقتها على شواطئ البحر للاستمتاع بعطلة صيفية بعد موسم دراسي شاق ،تقضي فئة أخرى مثل الشاب على الصورة ،من أطفال العائلات المحرومة عطلتها تحت حرارة الشمس الحارقة ،للاسترزاق على حساب اجسادهم الهزيلة محرومين من حقهم في التمتع بطفولتهم، فبعد أن وضعوا حقائبهم المدرسية شمروا على سواعدهم
و لقد وجدت في صفوفهم العديد من الأطفال المتمدرسين،
هذه الطفولة المعذبة التي تبيع” البانيني” في ظروف قاهرة يتعرضون خلالها إلى ضربات الشمس الحارة و حرقة الرمال الساخنة و بطونهم يطحنها الجوع.. ، يتحملون مشاق الركض حفاة إلى أماكن بعيدة عن الشاطئ. هؤلاء الأطفال الأبرياء التي تبدو وجوههم مثقلة بالأحزان و موشومة بالحيف الاجتماعي، و قد جفت منها آثار الضحك، يتوازى لديهم ، في إطار هذا الواقع المأساوي، هم البؤس و حرقة الرمال و ضياع إنسانيتهم في رحلة العذاب اليومي فوق رمال هذه الشواطئ الجميلة
ومن بين هؤلاء التقيت أحد الأطفال الذي يبلغ من العمر (10) سنة صادفته بشاطئ افتاس بميراللفت وهو منهمك بعمله وكأنه رجل في الثلاثينات وملامح الرضا بادية على وجهه، اقتربت منه للتعرف على الظروف الخفية وراء انتهاجه لهذا العمل، فأجابني بكل صراحة من خلال قوله: “أنا أساعد أمي ، في تحمل مصاريف العيش ، لأن والدي لا يعمل ويعاني من مشاكل صحية، مما جعلني أتحمل جزءا من المسؤولية بالرغم من صغر سني لجمع بعض المال للعيش وادخار البعض الآخر للموسم الدراسي
وحسب تقرير منظمة اليونيسيف فيما يخص عمالة الأطفال والذي يشير إلى إرتفاع نسبها كثيرا خصوصا بالنسبة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاما ، والذين يمثلون حاليا ما يزيد قليلا عن نصف الرقم العالمي الإجمالي.
عبد الكريم غيلان : كاتب رأي