في واقعة أثارت جدلاً واسعاً واستياءً كبيراً داخل الأوساط الأمنية والحقوقية، أقدمت المديرية العامة للأمن الوطني على توقيف شرطية برتبة مقدم رئيس تعمل ضمن فرقة الدراجين بمصلحة السير والجولان بمدينة مراكش، وذلك بعد توثيق تجاوزات مهنية خطيرة كشفتها كاميرا الخدمة المحمولة على زيها الرسمي.

وتعود تفاصيل الحادث إلى تدخل الشرطية لإيقاف مواطن خليجي كان يقود دراجة نارية دون خوذة أمان، وكان يتوجب عليها تحرير مخالفة مرورية بقيمة 150 درهما، غير أنها تسلمت منه مبلغ 200 درهم نقداً دون تحرير أي محضر، ثم سمحت له بمواصلة طريقه، في تجاوز واضح للقانون والمساطر المعتمدة.

المفاجأة التي لم تكن في الحسبان، أن الكاميرا المثبتة على زيها كانت قيد التشغيل، ووثّقت اللحظة الكاملة لتلقي الرشوة، بل والأدهى من ذلك أنها استخدمت نفس الورقة النقدية بعد لحظات لتحرير مخالفة مرورية لسائقة أخرى، مما عزز من حجم السلوك المهني الخطير الذي ارتكبته.

وبمجرد مراجعة خلية المراقبة المعلوماتية للتسجيل، تم رفع تقرير مفصل إلى المصالح المركزية بالرباط، والتي أصدرت قراراً فورياً بتوقيف المعنية عن العمل بشكل نهائي، مع إحالة ملفها على القضاء بحكم أن الواقعة تكتسي طابعاً جنائياً.

مصادر متطابقة أكدت أن القضية الآن في مرحلة التحقيق الإداري، وأن إدارة الأمن الوطني عازمة على الذهاب بعيداً في تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، والتصدي لأي تجاوز قد يمس بصورة المؤسسة الأمنية أو يسيء للمملكة، خاصة وأن الأمر يتعلق بسائح أجنبي.

وقد أثارت هذه الحادثة موجة واسعة من ردود الفعل، حيث تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي الخبر على نطاق واسع، مستنكرين هذا السلوك الفردي، ومطالبين بمواصلة تعميم الكاميرات المحمولة على جميع عناصر الأمن كآلية فعالة لضمان الشفافية والنزاهة في أداء الواجب المهني.

في السياق ذاته، أشادت فئات واسعة من المواطنين بخطوة المديرية العامة للأمن الوطني، معتبرين إياها رسالة واضحة بأن عهد التستر ولى، وأن المؤسسة الأمنية اليوم أكثر انفتاحاً على المحاسبة، وأكثر التزاماً بحماية الثقة العامة.

ومن المرتقب أن تُصدر مديرية الأمن بلاغاً رسمياً في هذا الشأن فور انتهاء التحقيقات، في إطار سياستها التواصلية المستمرة التي أرسى دعائمها المدير العام عبد اللطيف حموشي، والتي جعلت من المؤسسة الأمنية نموذجاً في الشفافية والتفاعل مع الرأي العام.