السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الكريم. بارك الله فيك. ما حكم التعامل مع ما يسمى بالضمان الاجتماعي؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم.
الخلاصة:«الضمان الاجتماعي يكيف على التأمين التعاوني، فهو حلال في الأصل، لكن ثبت أن أمواله تستثمر في الربويات، وهذا يجعله محرما. فمن كان مختارا لم يحل له الاشتراك، ومن كان مجبرا حاول التخلص من نسبة الفائدة إن علمها. أما نظام (أمو) فالذي بالاشتراك حكمه حكم ما ذكرنا، أما الذي بدون اشتراك فهو حلال. وكل ما ذكرناه يجوز لمن اضطر بسبب مرض مزمن مكلف».
-التأمينات التجارية محرمة بدون استثناء، لما فيها من ربا وغرر وقمار، وقد سبق التفصيل في ذلك.
-التأمين التكافلي حلال، وبينه وبين التجاري فرق كبير، وقد سبق لنا التفصيل فيه أيضا.
-الضمان الاجتماعي: وهذا محل البحث، فهو يكيف على التأمين التعاوني عند كثير من فقهاء العصر، وهو كذلك، لأن الدولة ملزمة برعاية مواطنيها في حال العجز والشيخوخة والمرض ونحو ذلك من إعاقة العمل أو الكسب، ولا ينظر إلى الضريبة التي تقتطعها الدولة من الراتب الشهري، أو التي يدفعها شهريا أرباب العمل لمصلحة التأمينات الاجتماعية، أو المبلغ الذي يدفعه العامل أو الموظف باختياره في حدود نسبة مئوية كل سنة، ليحصل على تعويض إجمالي عند الإحالة على التقاعد أو المعاش، فكل هذه المدفوعات لا ينظر إليها نظرة ربوية، وإن أخذ الموظف أو العامل أكثر مما دفع؛ لأن المدفوع في الحقيقة يعد تبرعا أو هبة مبتدأة وتعاونا من قبل المشتركين في الصندوق التقاعدي أو التأمينات الاجتماعية، والتي هي إحدى مؤسسات الدولة [الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي (5/ 3430)].
لكن يوجد إشكال في استثمار أمواله، وبعد البحث وسؤال المختصين والعاملين تبين أن جل استثماراتهم في السندات الربوية. لذا يكون الحكم على حالتين:
- الضمان الاختياري، هذا لا يحل، لأن أمواله ستستثمر في الربا، فهو مشارك في العلمية الربوية، وهذا ظاهر من قول ربنا ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]. وعن جابر قال: « لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء ». [صحيح مسلم (5/ 50 ط التركية)]. وإنما سوى بين هؤلاء لما حصل منهم من إعانة.
وأخذ الربا بنية التخلص منه مبني على عقد فاسد، وهو عقد الربا، وما بني على الفاسد فهو فاسد أيضا. - ما كان إجباريا، فهذا لا يمكن تجاوزه، وحكم ماله حكم المال المختلط، وهناك من أجاز الاستفادة منه قياسا على الشركات المختلطة.
والشركات المختلطة هي الشركات المباحة التي يكون أصل نشاطها وغالبه حلالا، مثل الشركات الصناعية، والتجارية، وشركات الخدمات، ولكن لها معاملات محرمة كالاقتراض أو الإقراض بالربا..
لكن من أجاز ومن منع اشترط شرطا اتفقوا عليه، وهو أن المساهم لا يجوز له بأي حال من الأحوال أن ينتفع بالكسب المحرم من السهم، بل يجب عليه إخراجه والتخلص منه. [المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (13/ 202)].
فمن كان قادرا على تمييز ذلك من خلال معرفة نسبة الاقتطاع الشهري وحساب المجموع، أخرج الفائدة الربوية.
- بالنسبة لنظام (amo) فالذي بالاشتراك لا يحل، لأنه دخل فيما ذكرناه، أما الذي لا اشتراك فيه فهو مباح لا شك، لأن المشترك لا يدفع اشتراكا، ولا يضره مصر المال كما بينا قبلا.
وكل ما ذكرناه يخرج منه من كان مضطرا لعلاج مرض مزمن أنهكه.
المجيب: أ. د قاسم اكحيلات.
تعليقات الزوار ( 0 )