عرف ملعب 16 نونبر بمدينة اولاد تايمة زوال يوم الاحد 10 نونبر 2024، حادثة مؤلمة، فخلال مباراة جمعت بين فريق شباب هوارة وفريق أمل تيزنيت في القسم الوطني الهواة، انفلت الوضع بشكل مؤسف، حيث اندفع جمهور شباب هوارة من المدرجات نحو جمهور أمل تيزنيت، وقام بعضهم بالرشق بالحجارة ووجهوا كلمات نابية حتى وصل الأمر إلى استخدام تعبيرات عنصرية تتعارض تماما مع قيم المجتمع.

الفيديوهات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أظهرت لحظات من العنف لا يمكن وصفها إلا بأنها مشاهد “الأكشن” حقيقية، لم يسلم فيها لاعبوا ومدرب أمل تيزنيت والزملاء الصحفيين وعناصر الأمن من هذه الاعتداءات العشوائية، ورغم يقظة الأجهزة الأمنية كادت الأمور أن تخرج عن السيطرة وتتحول إلى كارثة لولا تدخلهم الحازم.

وبينما كان المتوقع من الجهات المسؤولة تهدئة الأمور، سارعت جمعية نادي شباب هوارة لكرة القدم إلى إصدار بيان يحمل جمهور أمل تيزنيت مسؤولية ما وقع، متجاهلة الأثر المؤلم الذي خلفته هذه الأحداث في نفوس الجميع، على النقيض إلتزم مسؤولو أمل تيزنيت الصمت في هذه المرحلة، وفضلوا عدم الانجرار إلى “حرب البيانات”، معبرين بذلك عن رؤية حكيمة تعكس احترامهم للموقف وحسن تقديرهم لتبعاته.

إن ما يحدث في ملاعب كرة القدم المغربية يعكس أزمة أخلاقية باتت تتسلل إلى صفوف الجماهير، حيث تستبدل الروح الرياضية بروح الصراع والعداء، الرياضة هي ساحة للتنافس النبيل والاحترام المتبادل، وليست ساحة لإهانة الآخر أو تعريض سلامته للخطر.

هذه الأحداث تثير العديد من الأسئلة حول أسباب هذا السلوك العنيف، هل يعكس الصعوبات التي تواجهها الأسر في حياتها اليومية؟ أم أنه نتاج لمشاكل اجتماعية كالفراغ والبطالة؟ أم هو تأثير المخدرات والمؤثرات العقلية والعادات السلبية؟ علينا دراسة كل هذه الأسباب بجدية حتى نتمكن من الوصول إلى حلول تعالج هذه الظاهرة من جذورها.

لقد أصبح العنف الذي يشق طريقه نحو مدرجات الملاعب الرياضية يشكل تهديدا حقيقيا، حيث يمكن أن يتطور من مجرد شغب إلى جرائم تضر بالأمن العام وسلامة الأفراد والممتلكات، حينما يتم الاعتداء على طفل أو مراهق بدرجة عنف مفرطة ومبالغ فيه، قد يؤدي ذلك إلى عواقب كارثية تصل إلى درجة الإعاقة أو الوفاة لقدر الله.

يجب علينا جميعا أن نتحمل مسؤوليتنا، بدءا من الأسرة إلى المؤسسات التعليمية والجامعات وجمعيات المجتمع المدني والأندية الرياضية، كل طرف لديه دور في توعية الشباب وغرس قيم التسامح والاحترام بينهم، فقد دق ناقوس الخطر منذ زمن، وحان الوقت للتحرك قبل أن نصل إلى مأساة أخرى.

كفانا عنصرية وحقدا، نحن أبناء الوطن الواحد من طنجة إلى الكويرة، ولنا جميعا الحق في التعبير عن محبتنا لرياضتنا وأنديتنا بروح من التآخي والاحترام.