✍️ مولاي عزيز أخواض

في زمن تزداد فيه الحاجة إلى فضاءات رياضية تربوية ذات بعد تنموي، يبرز نادي أولمبيك خريبكة للفروسية كنموذج رائد في تجويد ممارسة رياضة القفز على الحواجز، وفق مقاربة شمولية تجمع بين التكوين القاعدي، والاحتراف التنظيمي، والاستثمار الاجتماعي.

خلال زيارة غير مبرمجة، صباح الأحد 25 ماي 2025، لفت انتباهي ما يُشبه الثورة الهادئة داخل هذا الفضاء الرياضي الفريد. فالحلبة الرئيسية للنادي خضعت لتحديث شامل، وفق مواصفات دولية عالية الجودة، تضاهي نظيراتها في كبريات المراكز كدار السلام بالرباط. وهي أرضية لا تُراهن فقط على الجمالية أو الصلابة، بل على توفير بيئة تدريبية آمنة ومتقدمة للفرسان والخيول على حد سواء.

النادي مجهز بأكثر من 100 حجرة مخصصة لإيواء الخيول (اسطبلات عصرية)، ويحتضن حاليًا 32 فرسًا، تستفيد من رعاية صحية مستمرة يشرف عليها طبيب بيطري وتقني مختص، فضلاً عن طبيب عام وسيارة إسعاف متواجدة خلال المسابقات الرسمية. هذه المنظومة المتكاملة تعكس مقاربة استباقية للوقاية وضمان السلامة، وتُضفي طابعًا احترافيًا نادرًا على الفضاء.

غير أن التحدي الأكبر الذي يواجه النادي يظل في استقطاب كفاءات تدريبية قادرة على مواكبة طموحات هذا المشروع النوعي. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة النادي تبنت سابقًا سياسة لتكوين المدربين من داخل صفوف فرسانه، حيث حصل بعضهم على تكوين مهني متقدم، غير أن مساراتهم قادتهم إلى وجهات أخرى، أحدهم نحو أوروبا وآخر نحو مدينة مراكش. ورغم هذا الواقع، تواصل إدارة النادي جهودها لإيجاد أطر تقنية عالية التكوين لمواكبة الفرسان، ومعظمهم من فئة الأطفال والشباب ، في مرحلة تتطلب تأطيرًا دقيقًا من النواحي النفسية والبدنية والتربوية.

في هذا السياق، يضطلع المجمع الشريف للفوسفاط بدور محوري من خلال دعمه المستدام للنادي، عبر المكتب المديري للرياضات بخريبكة، في إطار استراتيجية تروم تطوير الرياضات الفردية والجماعية، والنهوض بالمواهب المحلية ضمن رؤية مؤسسية تؤمن بالوظيفة التربوية والاجتماعية للرياضة.

نادي أولمبيك خريبكة للفروسية لا يقتصر دوره على التكوين الداخلي، بل يحتضن تظاهرات وطنية بارزة تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية للفروسية، كالمسابقات الوطنية للقفز على الحواجز التي تقام في فضاءاته على مدى أيام، وتُضفي على المدينة دينامية رياضية وثقافية. ويستعد النادي حاليًا لاحتضان
البطولة الوطنية للقفز على الحواجز مطلع أكتوبر المقبل، وهي تظاهرة ستجعل من خريبكة قبلة لعشاق الفروسية من مختلف جهات المملكة.

هذه التجربة المتقدمة في رياضة الفروسية، والتي تنضاف إلى باقي الرياضات التي يدعمها المكتب المديري (السباحة، الجيدو، التنس، ألعاب القوى، الجمباز، الرماية، وغيرها)، تشكل في مجموعها مشروعًا رياضيًا وتنمويًا متكاملًا، يستثمر في الإنسان، ويُعيد الاعتبار لفضاءات التربية البدنية كمدخل لصناعة المواطن الفاعل والمتمكن.

إن ما يقدمه نادي أولمبيك خريبكة للفروسية هو أكثر من مجرد رياضة، بل هو رهان على المستقبل، وتجسيد حيّ لقدرة المدن المتوسطة على الحلم والتخطيط والتميز، حين تتكامل فيها الرؤية، والموارد، والقيادة المؤمنة بالتحول.