الإثنين 28 يوليو 2025 07:21

خريبكة تحتفي بإفريقيا: مهرجان السينما الإفريقية يحتضن الذكاء الاصطناعي ويكرّم روّاده.

بقلم عزيز أخواض
في قلب مدينة خريبكة، وبين عراقة الذاكرة ووهج الصورة، تتألق الدورة الخامسة والعشرون من المهرجان الدولي للسينما الإفريقية، المنعقدة ما بين 21 و28 يونيو 2025، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، كحدث ثقافي وسينمائي يعكس عمق الروابط بين المغرب وعمقه الإفريقي.

هذه الدورة، التي تحمل شعارًا بالغ الدلالة: “من جذبة الحكواتيين إلى صرامة الخوارزميات… تجاذبات السينما الإفريقية”، تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد تقنية إلى محور نقاش فكري وفني. فبإشراف ثلة من الباحثين والخبراء وصنّاع السينما، تُطرح إشكاليات العلاقة بين الإبداع الإنساني والخوارزميات، في محاولة لتفكيك هذا التحول التكنولوجي الذي يعيد رسم ملامح الصناعة السينمائية.

وإذا كان الملصق الرسمي للدورة قد أثار لديّ في البداية تحفظًا بصريًا وفنيًا، فإنني، وبعد التمعن في برمجة هذه النسخة وموضوع ندوتها الفكرية الجريئة، أجد نفسي اليوم من المنصفين المعترفين بتميز هذا العمل الفني الذي أنجزه الأستاذ المهدي يقين، ضمن فريق النادي المسير، بإشراف مدير المهرجان المهندس عزالدين كريران. لقد استطاع هذا الملصق، بلغة بصرية دقيقة، أن يلتقط القلق الإبداعي الذي يساور الفنان الإفريقي أمام التحولات التكنولوجية المتسارعة.

لقد تجاوز المهرجان في هذه الدورة مجرد العرض والاحتفاء، ليصبح منصة استراتيجية لتوطيد العلاقات الدبلوماسية والثقافية بين المغرب وباقي الدول الإفريقية. فمن خلال المشاركة الواسعة للأفلام من 15 دولة إفريقية، والحضور الرمزي للسينما الموريتانية كضيف شرف، تُكرّس خريبكة موقعها كجسر تواصل بصري وإنساني، وفضاء للحوار الحضاري جنوب-جنوب.

كما تكرّم هذه الدورة اثنين من رموز الإبداع الإفريقي: السينمائي السنغالي منصور صورا واد، أحد أعلام الجيل الثاني للسينمائيين في إفريقيا، والمغني والممثل المغربي الكبير عمر السيد، مؤسس مجموعة “ناس الغيوان” وصوت الشعب منذ السبعينات، الذي جمع بين النغمة والصورة والرسالة.

تُميز هذه النسخة برمجتها الغنية، التي تشمل مسابقتين رسميتين للأفلام الطويلة والقصيرة، وتُشرف على تحكيمها أسماء وازنة من العالم الإفريقي، من بينها الإعلامي المغربي بلال مرميد، والمخرج الرواندي جويل كاريكزي، والسينمائي المغربي محمد عهد بنسودة. وتمنح جوائز باسم أعلام السينما الإفريقية من قبيل عثمان صامبين، نور الدين الصايل، وأمينة رشيد.

ولأول مرة، تشكلت لجان تحكيم ثقافية تمثل الأندية والمهرجانات والنقاد من مختلف دول إفريقيا، في خطوة نوعية تؤكد البعد الفكري والثقافي للمهرجان.

ولا تقتصر فعاليات الدورة على خريبكة فقط، بل تمتد إلى بني ملال وخريبكة وبنجرير، مع تنظيم ورشات وسينما الطفل والمهرجان الثقافي للسجناء الأفارقة، في تكريس واضح لدور السينما في الإدماج المجتمعي والتأهيل الثقافي.

خريبكة تكتب فصلًا جديدًا من الحكاية الإفريقية، بحكمة الحكواتي، وصرامة الخوارزمية، وبصيرة الإنسان.

تحرير: محمد علام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

النشرة الإخبارية

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدتنا، لتصلك آخر الأخبار يوميا

حمل تطبيق نشرة

من نحن؟

جريدة رقمية مستقلة، تهدف إلى تقديم محتوى خبري وتحليلي موثوق، يعكس الواقع بموضوعية ويواكب تطورات المجتمع. نلتزم بالشفافية والمهنية في نقل الأحداث، ونسعى لأن نكون منصة إعلامية قريبة من القارئ، تعبّر عن صوته وتلبي اهتماماته.

error: المحتوى محمي !!