بعد مسار حافل من التجارب المسرحية الجهوية والإقليمية، تعود جمعية كونستامز للأبحاث المسرحية – تيزنيت إلى ركح الخشبة بعمل جديد بعنوان “أفراك”، وهو عرض أول قدم مساء الخميس 18 شتنبر 2025 بالمركز الثقافي محمد خير الدين بتيزنيت، ابتداءً من الساعة الثامنة ليلاً.
المسرحية، المقتبسة عن نص “Le Monte-Plats” للكاتب الإنجليزي هارولد بنتر، اختارت أن تنقل أجواء العبث واللاجدوى إلى الفضاء الأمازيغي عبر حكاية تدور داخل غرفة ضيقة، حيث يُحتجز شخصان، أسافو وتودا، في انتظار أوامر من سلطة غامضة تعرف بـ “الطرف الآخر”. وبين التوتر والصمت، يتلقيان طلبات غريبة لإعداد أطباق فاخرة في مكان يخلو من مطبخ، مما يضاعف الإحساس بالعبثية واللاجدوى.
العلاقة بين الشخصيتين، التي تتأرجح بين الزمالة والشك، تبلغ ذروتها حين يطلب من أسافو تصويب السلاح نحو تودا، في لحظة تكشف عن قسوة النظام الذي يبتلع حتى أقرب العلاقات الإنسانية. ومن خلال هذا الصراع، ينعكس جوهر مسرح العبث: هشاشة المعنى، قسوة الطاعة، وقلق الإنسان الوجودي المحاصر في نظام لا يقدم تفسيرا.
النص المسرحي، بثرائه الرمزي، يطرح أسئلة أكثر مما يمنح إجابات، تاركا الجمهور أمام هاجس ثقيل: ماذا لو لم نكن سوى بيادق في لعبة لا نفهم قواعدها؟
العمل جاء في إطار برنامج الدعم للإنتاج والترويج المسرحي لسنة 2025، بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، وجماعة تيزنيت والمجلس الإقليمي لتيزنيت. وقد اجتمع في إنجازه فريق عمل محترف يضم:
الإخراج: نور الدين التوامي
إعداد النص: عبد الله بوكرن
تشخيص: حسن عليوي، كبيرة البردوز
سينوغرافيا وملابس: فردوس الرامي
إنارة: أيوب أتان
موسيقى: أيوب أمهال
توثيق: الحسين ناكب
محافظة: كريم بونيت
إدارة المشروع: عبد الله بوكرن
بهذا العمل، لا تكتفي جمعية كونستامز بإغناء الساحة المحلية في تيزنيت، بل تسهم في إثراء المشهد المسرحي المغربي ككل، مؤكدة على قدرة المسرح الأمازيغي على التحاور مع النصوص الكونية، واستثمارها في مساءلة الواقع السياسي والوجودي للإنسان المعاصر.
“أفراك” ليست مجرد عرض مسرحي، بل تجربة ثقافية وفكرية تعيد الاعتبار للمسرح كفن للقلق والتساؤل، وتفتح أفقا جديدا أمام المسرح الأمازيغي للانخراط في النقاشات الكبرى التي يعج بها الحقل الفني والثقافي بالمغرب.
