أثار قرار إقصاء عدد من الصحفيين من حضور الندوة التي نُظمت بمحكمة الاستئناف بأكادير، حول الشغب وأحداث العنف التي عرفتها الجماعة الترابية القليعة مؤخراً، جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والحقوقية بالجهة.
الندوة، التي كان من المفترض أن تشكل فضاءً مفتوحاً للنقاش حول ظاهرة العنف الجماعي وسبل مواجهتها قانونياً ومجتمعياً، تحولت إلى محطة لطرح تساؤلات عميقة حول معايير الانتقاء التي اعتمدها المنظمون في دعوة الصحافة. إذ استُبعدت مؤسسات إعلامية محلية وإقليمية معروفة بمتابعتها الدقيقة للشأن العام، في حين اقتصر الحضور على قلة من المنابر التي وُصفت بـ”المقرّبة”.
عدد من الصحفيين عبروا عن استيائهم مما اعتبروه محاولة لـ”تكميم الأصوات” وإقصاء الإعلام الجاد، الذي يواكب القضايا المرتبطة بالمجتمع، مؤكدين أن مثل هذه الممارسات لا تخدم مبدأ الشفافية ولا تساهم في بناء الثقة بين المؤسسات الإعلامية والقضائية.
وفي مقابل ذلك، برّر بعض المنظمين هذا الإقصاء بكون القاعة لا تتسع لجميع وسائل الإعلام، وهو تبرير لم يُقنع الكثيرين، خاصة وأن الندوة كانت تهم الرأي العام بشكل مباشر، بعد الأحداث الدامية التي شهدتها القليعة، والتي خلّفت موجة من الاستنكار.
هذا الوضع يطرح بإلحاح سؤالاً محورياً: من له المصلحة في إبعاد الصحافة المستقلة من مثل هذه اللقاءات الرسمية؟ وهل يتعلق الأمر بخطأ تنظيمي عابر، أم أن هناك توجهاً مقصوداً للحد من التغطيات التي قد تنقل جوانب حساسة من النقاشات؟
الهيئات النقابية والحقوقية مدعوة اليوم للتعبير عن موقفها تجاه ما حدث، دفاعاً عن حق الصحفيين في الولوج إلى مصادر الخبر، وتكريساً لحرية الصحافة التي يضمنها الدستور المغربي.