حين تمتزج التربية بالرياضة، وتتعانق القيم بالمتعة، تولد مبادرات تصنع الفارق في وعي الجيل الصاعد. هذا ما جسّده نادي أولمبيك خريبكة للفروسية من خلال تنظيمه لرحلة ميدانية مميزة إلى المعرض الدولي للفرس بمدينة الجديدة، في دورته السادسة عشرة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي اختتمت فعالياتها بحضور ولي العهد الأمير مولاي الحسن، في إشارة رمزية إلى مكانة الفروسية في الهوية المغربية.
لم تكن الرحلة مجرّد نشاط ترفيهي للأطفال، بل تجربة تربوية متكاملة فتحت لهم أبواب عالم الخيول من زاوية مختلفة. فداخل فضاء “قرية فارس”، الذي خُصص للصغار ضمن فعاليات المعرض، عاش المشاركون يوماً استثنائياً جمع بين اللعب والتعلم والاكتشاف. هناك، تعلّموا كيف يلامسون الحصان بثقة، ويكتشفون أسرار التوازن فوق ظهر “البوني”، في بيئة آمنة تحترم القيم التربوية والرفق بالحيوان.
وقد استحوذت “قرية فارس” على اهتمام آلاف الأطفال من مختلف المدن المغربية، بفضل برنامجها المتنوع الذي مزج بين الورشات الإبداعية، وصناعة الكتب المصوّرة التفاعلية، والألعاب التعليمية والرقمية الحديثة، من بينها
أجهزة PS5 وArcade، لتمنح الزوار الصغار تجربة فريدة تجمع بين الأصالة والتكنولوجيا في عالم واحد.
ولأن المبادرات المتميزة لا تأتي من فراغ، فقد أشاد أولياء الأمور والمشاركون بروح التنظيم والانضباط التي طبعت الرحلة، وبالمجهودات الكبيرة التي يبذلها المكتب المسير للنادي.
فقد نوه الجميع بعمل نادي أولمبيك خريبكة للفروسية، الذي يشتغل بروح جماعية ومسؤولية تربوية عالية، من أجل ترسيخ مكانة الفروسية في الوسط المحلي كمدرسة للقيم والانفتاح.
وقد نجح النادي، بفضل قيادة الحاج قرواش وفريقه، في بناء نموذج يحتذى به في الجمع بين الرياضة والتنشئة والتربية على المواطنة.
هذه المبادرة ليست حدثًا معزولًا، بل ثمرة رؤية استراتيجية يتبناها النادي لتربية الأجيال الجديدة على حب الخيل والتعلق بالهوية المغربية الأصيلة، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى حماية التراث الفروسي الوطني وتطويره بأساليب حديثة.
وفي النهاية، لم تكن رحلة أطفال أولمبيك خريبكة إلى معرض الفرس بالجديدة مجرّد نزهة تعليمية، بل درسًا في القيم ورسالة واضحة بأن الاستثمار في الطفل هو حجر الأساس لبناء مغرب الغد.
لقد اكتشف الأطفال أن الفروسية ليست مجرد رياضة… بل فلسفة في الانضباط، والاحترام، والكرامة، وأن الحصان يمكن أن يكون أستاذًا في الصبر والشجاعة، قبل أن يكون رفيقًا في الميدان.