في مشهد سياسي واقتصادي متقلب، يطرح الشارع المغربي اليوم سؤالاً لافتاً: هل نعيش فعلاً نهاية مرحلة كان عنوانها رجل السلطة والمال؟ بعد سنوات من الحضور القوي على الساحة، يجتاز أحد أبرز الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين في البلاد مرحلة دقيقة، حيث تتزايد الضغوط الشعبية وتتسع رقعة المقاطعة التي أطلقها جيل الشباب المغربي، المعروف بجيل Z، رافعين شعار الوعي والمحاسبة.
منذ توليه رئاسة الحكومة، مثّل الرجل نموذجاً استثنائياً في الجمع بين الاقتصاد والسياسة، وهو ما جعله في نظر كثيرين رمز القوة في المشهد المغربي. غير أن السنوات الأخيرة كشفت عن تحولات في المزاج العام، إذ بدأت شرائح واسعة من المجتمع ترى في هذا الجمع بين المصالح السياسية والاقتصادية خللاً في التوازن الديمقراطي، وتهديداً لمبدأ تكافؤ الفرص.
جيل Z، الذي نشأ في زمن السرعة الرقمية وحرية التعبير عبر المنصات، لم يعد يكتفي بالفرجة، بل حول الاحتجاج الصامت إلى فعل رقمي مؤثر، تجسد في حملات مقاطعة شملت منتجات كبرى الشركات المملوكة أو المرتبطة برئيس الحكومة الحالي. الأصوات التي كانت تُعتبر هامشية قبل سنوات، أصبحت اليوم قوة ضغط جديدة تعيد رسم ملامح العلاقة بين الحاكم والمحكوم. ومعها بدأ الرأي العام يتساءل: هل فقد الرجل الذي كان يوماً رمزاً للنجاح الاقتصادي ثقة الشارع؟ وهل يمكن أن يتحول هذا السخط الشعبي إلى تغيير فعلي في موازين القوة السياسية؟
المعادلة صعبة، فمن جهة لا يمكن إنكار أن الرجل لعب دوراً أساسياً في تحريك عجلة الاستثمار الوطني، ومن جهة أخرى يواجه انتقادات حادة بسبب غلاء المعيشة وتراجع القدرة الشرائية، وهي ملفات باتت تؤثر على صورته السياسية والاقتصادية في آن واحد.
سواء كانت هذه الأزمة نهاية مرحلة أو بداية مراجعة عميقة، فإن المؤكد أن المغرب يعيش لحظة فارقة، عنوانها الأبرز جيل جديد من الوعي والمساءلة، جيل لم يعد يخاف من طرح الأسئلة ولا يتردد في محاسبة من كان يظن نفسه خارج النقد. بين السياسة والاقتصاد، وبين الصورة والواقع، يقف الرجل اليوم أمام اختبار صعب، فهل ستكون هذه العاصفة بداية سقوط أم فرصة لإعادة بناء الثقة؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة.