المصطفى المرجاني

أوهمونا حين قالوا لنا أن الكوكايين والقنب الهندي والحشيش وغيرها من المواد المخدرة ، هي الأنواع الوحيدة للمخدرات المهلوسة لدماغ الإنسان ، ومع مرور الوقت ، حيث إذا توقفنا بمسافة عن واقعنا ، سيتبين لنا ، أن هناك أنواع أخرى من المخدرات ، دخلت عالمنا كمجرد فرجة ، وجعلت تحقن في أجسادنا وعقولنا ، كمخدر يجعلنا ننسى واقعنا المرير ، لكن عند إنتهاء مفعولها ، نعود لنعايش مٱسينا التي تكون أكثر تأزما .
والخطير في الأمر ، أن هذا الصنف من المخدرات ، لايصنف كمخدر ، ولايتم مكافحته ، ولاحتى معاقبة من يتعاطاه .
إنها كرة القدم ، إنها أخطر أنواع المخدرات الموجودة في عالمنا المعاصر ، تدخل كل بيت ، تخترق كل العقول ، وبما أن كرة القدم أصبحت الرقم الأول عند شعوب العالم ، فأصبح السياسيون خصوصا في الدول المتخلفة ، لايتخذون من كرة القدم مخدرا فقط ، بل يستعملونها كوسيلة لتجييش المشاعر الوطنية ، فحتى تلك الأنظمة الأكثر إستبدادا ، والتي تتوجس من تجمع أربع أشخاص في الشارع العام ، تسمح بإحتفال عشرات الآلاف في الساحات العامة ، إذا تعلق الأمر بفوز فريق أو ٱخر .
مع مرور الوقت ، أصبحت كرة القدم تمتلك القدرة على فصل الإنسان عن واقعه الملموس ، ولقد فطن الساسة لهذا الأمر ، بتهييئ كل الأجواء المناسبة لهذه اللعبة .
والمستفيد في كلتا الحالتين ، سواء فاز الفريق المفضل أم خسر ، فإن فاز ستعم مشاعر الرضى على السلطات السياسية التي تنسب إليها نصر ذلك الفريق ، وإن كان عكس ذلك وهو الخسارة ، فإن مشاعر الإحباط ستبقي المواطن مخدرا وغير قادر على الحركة ولا الكلام .
حب كرة القدم وغيرها من أنواع الرياضات ليس عيبا ، لكن الإستسلام لها والتخدر بها ، والإنفصال عن الواقع المعاش حبا فيها ، يبدوا شيئا من الغباء والجنون .