خرج اليوم العالمي للمرأة من رحم الحركة العمالية ليصبح حدثا سنويا معترفا به من قبل الأمم المتحدة .
وكانت بذور هذا اليوم قد غُرست في عام 1908، عندما خرجت 15 ألف امرأة في مسيرة جابت مدينة نيويورك ، مطالبات بتخفيض عدد ساعات العمل ، وبزيادة الأجور ، وبالحق في التصويت .
في اليوم العالمي للمرأة ، وبإعتبارها نصف المجتمع ومربية الأجيال ، يحتفل العالم في الثامن من مارس من كل عام باليوم العالمي للمرأة ،
وهو فرصة لتجسيد إرادة المرأة والتحديات التي تواجهها في جميع أنحاء العالم.
تعود أصول الإحتفال بيوم المرأة العالمي إلى أوائل القرن العشرين ، إذ كانت تعاني ظروفًا قاسية في مجال العمل ، من ظلم وتمييز .

إن الإحتفال باليوم العالمي للمرأة هذا العام له طعم خاص مع دخول الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة شهرها السادس ، و بكل ما ألقته من موت ودمار وقهر وتشريد أكثر من مليونين و200 ألف فلسطيني في قطاع غزة ، ولا سيما على النساء منهم ، ووسط ظروف عصيبة للغاية تعيشها النساء في القطاع ، الذي يتعرض لحرب إسرائيلية غير مسبوقة.
إن أكثر من 9 آلاف امرأة وفتاة استشهدن حتى الآن منذ بدء الحرب على غزة ، فيما أعلن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء أن 75% من إجمالي عدد الجرحى من الإناث ، وأن النساء والأطفال شكلوا ما نسبته 70% من المفقودين .
وتتجرع النساء الفلسطينيات مرارة الحرب بقسوة ، ويخاطرن بحياتهن في سبيل إطعام أطفالهن ، و تتفاقم صعوبتهن في ظل النقص في الغذاء وفقدان أزواجهن ومعيلي أسرهن ، ورغم ذلك يواصلن رحلة البحث عن الطعام وإعالة الأسر وحماية الأبناء.
ولا تتوقف معاناة النساء في غزة عند هذا الحد فحسب ، بل تتعرض الحوامل والمرضعات إلى مخاطر صحية وسوء تغذية ، بينما لا تستطيع النساء الأكبر سنا الوصول لأماكن توزيع الغذاء بسبب وضعهن .
في اليوم العالمي للمرأة لهذه السنة ، تعاني المرأة الفلسطينية عامة والمرأة الغزاوية على وجه الخصوص أوضاع مأساوية تتحمل بمفردها أحيانا وطأة وويلات الحرب وتداعياتها ، من تهجير ونزوح من منطقة إلى أخرى في ظروف كارثية يواجه فلسطينيوا القطاع من شماله الى جنوبه شبح المجاعة التي بدأت تحصد الصغار قبل الكبار.

هذه هي الظروف التي تكابدها المرأة الفلسطينية ، التي يُحتفى بيومها العالمي في الثامن من مارس من كل سنة ، امرأة هدرت كرامتها وانتهكت كل حقوقها في ظروف من القهر والتمييز والعنف الممنهج ، لم يسبق أن شهد العالم مثيلا له ،
إن المرأة الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة تتعرض لأسوء كارثة إنسانية من القتل والتشريد والإعتقال والإجهاض والأوبئة والموت جوعا نتيجة العدوان الإسرائيلي ،
إنه من العيب و العار أن يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة ، والمرأة الفلسطينية تعاني وتئن تحت الحصار من طرف الإحتلال الصهيوني المدعم من الغرب والعالم ككل ، في صمت رهيب ، و في إزدواجية دولية رهيبة ، أفرغت القيم العالمية من هويتها ، بسبب سياسات غير عادلة وتعسفية .
إن العالم الغربي المنافق يتشدق بمصطلحات فضفاضة يموه بها العالم .
ويبقى هذا اليوم في ظل الحصار والتجويع في حق المرأةالغزاوية ، يوم الإنحطاط الإنساني ، وإزدواجية المعايير في الشعارات والسياسات الحقوقية في كل أنحاء المعمور ، وتبقى كل المواثيق الدولية وكل المعاهدات نفاق لمن يعطون دروسا للآخرين عن حقوق الإنسان وحرية المرأة وتحررها.