✍️ ذ حميد الرياني 

بعد ست سنوات مما يسمى بمخطط توظيف الأساتذة بموجب عقود محددة الزمن ومحدودة الحقوق، أو ما أّطلق عليه بعد ذلك توظيف أطر الأكاديمية بعد الخطوات الاحتجاجية التي كانت استثنائية في تاريخ التعليم بالمغرب والتي ابتدأ حر وطيسها يشتعل في ال 20 فبراير 2019، فيما يسمى بالنظام الأساسي لموظفي الأكاديمية تجاوزاً للعقدة المؤقتة التي كانت ستفرض على موقعها مسلسلا آخرا من التوقيعات السنوية لملحقات عقود ابتدأت بملحق العقد رقم1 ولم يكن لينتهي لولا علو كعب صمود أساتذة ال cnpcc الذين لم يزد توقيف أجور فوجهم الأول (الذين انتهت مدة عقدهم) إلا تصعيدا في ميادين الرباط خصوصا وجل المدن المغربية عموما.

لا أستغرب استغرابك من النشاز الحاصل بين العنوان والأسطر التي قرأتها لحد الآن والتي تجد فيها تلخيصا ميكروسكوبيا لأزمة عانى منها الشعب المغربي تلاميذا وأساتذة، آباءً وأمهات، بل لم تسلم منه حتى عناصر القوات العمومية الذين فرض عليهم المرابطة في شوارع الاحتجاج في الاتجاه المقابل للأساتذة الذين اختاروا تكسير قيد ما “فرض عليهم من تعاقد” حسب سياق جل تصريحات لجنتهم الإعلامية التابعة للتنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد ال : cnpcc، حيث كانت -ولازالت- جل الخطوات الاحتجاجية أشكالا موازية لإضرابات فاقت الستين يوما في موسمها التصعيدي الأول -أي في السنة الثالثة من بداية مخطط التعاقد- وناهزت الأسبوعين في الموسم الثاني، ليتكلف الوباء بالإجهاز على ما تبقى من الزمن المدرسي بتوقيف الدراسة حضوريا، ابتداءا من 16 مارس 2020، ليبلغ ال 40 يوما في الموسم الثالث ولم تحرك الوزارة المعنية ساكنا رغم أن هذا الموسم قد عرف نمط التعليم بالتناوب والذي يقضي بتدريس نصف الفصل حضوريا نصف الأسبوع والنصف الآخر في الجزء الثاني من الأسبوع تجنبا للاكتظاظ (أكثر من 20 تلميذ في القسم) الذي يرفع من نسبة انتشار الوباء، مما جعل نزيف دم الزمن المدرسي المهدور يستمر إلى حدود اللحظة، وهنا فنحن لسنا بصدد إحصاء لأيام الإضراب الناتجة عن رفض هذا المخطط “الإصلاحي” الذي تصفه الوزارة بالاستراتيجي تحت غطاء الجهوية، وينعته أساتذة ال cnpcc بالمشؤوم وإن تعددت جلابيبه ومسمياته، وبعد الاطلاع على الخسائر التي يكلفها مخطط التعاقد “الإصلاحي” من حيث الشكل أي من حيث الزمن المدرسي، نمر إلى خسائره من حيث المضمون والتي تتجلى في اللااستقرار النفسي الذي يشعر به أساتذة “التعاقد” جراء الوضع الهش الذي يشتغلون فيه وبالتالي سيكون هناك تأثير سلبي بشكل غير مباشر على مردوديتهم خصوصا أن المكانة الاعتبارية للأستاذ قد تم المس بها بتصنيفهم ضمن أساتذة من الدرجة 2 أو وصف “غي متعاقد” الذي اشتكى منه عدد كبير من أساتذة “التعاقد” على صفحة ال cnpcc، الفايسبوكية، كما أن للأستاذ مكانة تجعله يعتبر “قدوة” أو “مصدر إلهام” أو “كاد أن يكون رسولا” لدى تلاميذه وتلميذاته، وهنا نتساءل عن مدى التأثير السلبي الممكن في أفئدة هؤلاء التلاميذ عندما يجدون صور التعنيف وفيديوهات السحل وأخبار المتابعات القضائية والسجن والتغريم تغزو مواقع التواصل الاجتماعي في حق أساتذتهم، خصوصا إن بلغت مداها بالحكم بالسجن النافذ على أستاذة بعيد الاحتفال باليوم الأممي لعيد المرأة، لا شك أن الصدمة ستكون مضاعفة بعدما يجده من تناقض بعد الاطلاع على القنوات الرسمية التي تجدها تجتهد في تسويق أخبار تكريم الأستاذ وبرامج تبجيل المرأة.

لا شك أنني عجزت عن تعداد سلبيات آفة “التعاقد” أو ما اصطلحت عليه الحكومة حديثا بالتوظيف الجهوي، من أجل ذلك أدعو أولا الوزارة المعنية إلى التسريع في فتح القنوات الكفيلة بحل هذا الملف بشكل عادل ومسؤول، وأحيل كل من أبلغته قراءة المقال إلى هذا الحد أن يعود للعنوان والصور المرافقة له مع الاستعانة بقانون الإسقاط للاطلاع على ما أكلته نعجة التعاقد من ذرة الزمن في حقل المدرسة.