خالد المهداوي البقالي ✍️

على ضوء الجدال والجدل الذي يملأ الساحة الإقليمية بتاونات وفضاءات المجالس الرسمية ودروب الكواليس السياسية بخصوص مشروع النواة الجامعية، بين تصور مركزي جديد يهدف لتوجيه الاستثمار لتعزيز البنية الأكاديمية وتنويعها على مستوى عاصمة الجهة، وبين أصوات ترافعية إقليمية تنادي بضرورة تنزيل مشروع النواة الأكاديمية والتزام الجهة بالعقد البرنامج المبرم في الولاية السابقة بين القطاع الوزاري ومجلس الجهة ومجلس الإقليم.

لا شك أن التصور المركزي الذي يتصادم مع انتظارات إقليم تاونات ويفرض تعزيز البنية الأكاديمية بعاصمة الجهة وتنويع آفاقها الولوجية، له أسبابه وفرضياته ومحفزاته منها بطبيعة الحال ما هو خفي، وما ظهر منها قد نستشفه من خلال قراءة مؤشرات الأداء الحكومي في ظل سياق إقتصادي يتميز بغلاء كلفة الإستثمار من جهة، ومن جهة أخرى فالقطاع الوزاري الوصي قد يكون عاجزا عن مواكبة أي استثمار هيكلي جديد بنفقات الاستغلال والصيانة والمرافق الملحقة،ويكتفي باتخاذ عدد من التدابير الاستثنائية الظرفية الرامية إلى تسوية تنفيذ الصفقات المبرمة مسبقا، أو فسخ صفقات هيكلية لا زالت في طور الإنجاز دون مصادرة الضمانات، أو مراجعة أثمان صفقات الأشغال بهدف ترشيد الاستثمار وتدبيره حسب توصيات السياسة العامة.

أما أصوات أقليم تاونات فهي مخيرة بين ترافع عقيم يعصف بالمشروع ويتجاوزه التاريخ إلى غير رجعة، وبين تدافع قويم وسليم يجعل من نموذج النواة الأكاديمية القديمة منطلقا لبناء تصور جديد لفضاء مركب أكاديمي-مهني بشراكة مع كل القطاعات الوزارية التي تنشط بإقليم تاونات وبإشراف جهوي-إقليمي وهي فرصة أيضا لجلب مؤسسات عمومية غائبة عن الساحة كالسياحة مثلا. فضاء سيرفع من كفاءة الشباب الاندماجية والانتاجية في نسيجه الاقتصادي والاجتماعي الجهوي والوطني عبر برنامج تأهيل أكاديمي ومهني مصمم خصيصا للإستجابة لانتظارات شباب الإقليم مع إمكانية التوسيع والتنويع لرسم أفاق أوسع وأرحب لخريجي هذا النموذج الأكاديمي المهني الشجاع.

إن كلفة الإستثمار في العنصر البشري وتأهيله في مراحل نشأته لم تعد أبدا ارهاقا لخزينة الدولة ولم تكن أبدا معيقا للتقدم العمراني والحضاري بل على العكس تماما فهي سر النهوض والانطلاق، فلسان الحال يقول: الغاء الإستثمار الأكاديمي بتاونات هو استنزاف لميزانية المقاربة الأمنية بفاس ومكناس والمدن المجاورة.

فالطبيعة لا تقبل فراغا، وفي غياب تدافع سليم قويم بالحجة والشجاعة وقوة إقتراح تحل الفوضى والهدم مكان البناء والسلم، مصداقا لقوله تعالى، بعد بإسم الله الرحمن الرحيم (الاية….وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً…الاية)